للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل نقول: حصلت الحرية فيه دفعة واحدة، أو حصلت في نصيب المعتق، ثم ترتب عليها عتق حصة الشريك؟ فيه وجهان في "الحاوي" هنا، و"الشامل" في كتاب الظهار ونسب الأول إلى شاذ أصحابنا.

وحكى الإمام عن الأصحاب: أن الملك ينتقل إلى المعتق، ثم يترتب عليه العتق، وذلك في وقتين وإن كانا لا يدركان بالحس، وحكى عن أبي إسحاق المروزي أنه قال: يحصل نقل الملك والعتق معاً من غير ترتيب، وأنه لما قيل له: هذا جمع بين النقيضين، قال: لا يبعد هذا في الأحكام، وإنما يمتنع اجتماع المتضادات المحسوسة، وأنه طرد مذهبه في شراء [الرجل] من يعتق عليه. وهذا كلام سخيف متروك عليه [باطل] قطعاً.

قال: فإن اختلفا في القيمة، أي: على هذا القول عند تلف المعتق أو غيبته، أو تغيّر القيمة؛ لطول المدة- "فالقول قول المعتق"؛ لأنه [غارم]، والأصل فراغ ذمته مما لم يعترف به.

قال: والثاني يعتق بدفع القيمة؛ لأنه جاء في بعض الروايات عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا كَانَ العَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ: فَإِنْ كَانَ مُوسِراً يُقَوَّمْ عَلَيْهِ قِيمة عَدْل، لا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، ثَمَّ يَعْتِقُ"، خرجه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود. [ولأنه يعتق بعوض ورد الشرع به؛ فلا يسبق وقوع العتق دفع العوض، كالكتابة] ولأنه إزالة ملك لدفع الضرر؛ فلا يتقرر إلَّا بأداء العوض، كالشفيع يملك الأخذ بالشفعة، ولا يتقرر الملك حتى يدفع المال.

ولأنه إنما يقوّم عليه نظراً للشريك، ولا نظر له في إزالة ملكه قبل أن يصل إلى عوضه، وهذا ما نص عليه في القديم، وفي الجديد أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>