لأنه نص فيما إذا قال:"دبرتك"، أنه صريح فيه، ونص فيما إذا قال لعبده:"كاتبتك على كذا"، لم يصح حتى يقول:"فإذا أديت إليّ كذا فأنت حر"[وينوي] ذلك.
فمن الأصحاب من قال: لا فصل بينهما، وجعل المسألتين على قولين.
أحدهما: أن لفظ "دبرتك" و"كاتبتك" صريحان؛ لأنهما لفظان موضوعان لهذين العقدين، فلا يفتقران إلى أمر آخر؛ كلفظ البيع في البيع.
والثاني: يفتقران إلى النية؛ لأنهما لفظان لم يكثر استعمالهما؛ فيفتقران إلى النية كسائر الكنايات.
والأكثرون من الأصحاب- كما قال الماوردي، ومنهم ابن أبي هريرة- أقروا النصين، وأجروهما على ظاهرهما، وفرقوا بوجهين:
أحدهما: أن التدبير لفظ ظاهر مشهور يعرفه عوام الناس؛ فاستغنى عن النية، والكتابة لا يعرفها إلَّا الخواص؛ فافتقرت إلى النية.
والثاني: أن التدبير لا يحتمل العتق بعد الموت، والكتابة لفظ مشترك؛ لأنه يحتمل أن يريد به المخارجة فيقول: كاتبتك كل شهر بكذا، ويحتمل أن يريد به كتابة المراسلة، ويحتمل أن يريد به الكتابة الشرعية التي تتضمن العتق؛ فلا ينصرف إلى إحداهن إلّا بنيّة.
والفرقان ضعيفان.
ومنهم من قال: التدبير صريح، وفي الكتابة قولان.
وحكى الماوردي وابن الصباغ في كتاب الكتابة أن بعض أصحابنا قال: إن كان اللافظ من فقهاء الأمصار [فلا يفتقر] إلى النية [فيهما]، وإن لم يكن فقيهاً احتاج إليها فيهما؛ فتحصلنا على أربع طرق في المسألتين،
والصحيح الأول، والذي حكاه المراوزة- كما قال الإمام- الثاني: وهو تقرير النصين. [قال]: ويجوز أن يعلق التدبير على صفة بأن يقول: "إن