جاء في المسألة ثلاثة أوجه، قال الإمام: والذي أرى أن الوجهين يجريان فيما لو قال: إن دخلت الدار وكلمت زيداً فأنت طالق، حتى إذا دخلت الدار وانفصل التكليم عنه انفصالاً معتدّاً به وقع على وجه.
إذا قال: إذا مت فأنت حر متى شئت، لا يشترط في المشيئة أن تقع في المجلس، بل أي وقت شاء عتق، وتكون نفقته في كسبه إلى أن يشاء، فإن فضل عنها شيء فالفاضل هل يوقف حتى إذا شاء [و] عتق يكون له أو يسلم للورثة.
قال القاضي أبو الطيب: فيه قولان؛ كما إذا أوصى بعبد ومات، واكتسب مالاً، وقبل الوصية: فلمن يكون الكسب؟ وفيه قولان كما ذكرنا.
قال ابن الصباغ: والفرق بينهما ظاهر، وينبغي أن يكون الكسب ها هنا للورثة وجهاً واحداً؛ لأن العبد قبل مشيئته مملوك قولاً واحداً؛ فلا يثبت له كسبه، والعبد الموصي به إذا قبله تبيناً أنه ملكه بموت الموصي في أحد القولين؛ فلهذا جعل له كسبه في أحد القولين.
قلت: ما ذكره ابن الصباغ ظاهر إن كان القاضي قد فرّع القولين في مسألة الوصيّة على القولين في أن الموصى له يملك بالقبول، أو به يتبين أنه ملك بالموت، لكن قد ذكرنا فيما إذا فرعنا على أنه يملك بالقبول: فالكسب الماضي لمن يكون؟ وفيه خلاف كما في نظير المسألة في الزوائد" الحاصلة في زمن الخيار إذا أجيز العقد، وقلنا: الملك للبائع، فيجوز أن يكون القاضي أشار إليه، وإذا كان كذلك فهو نظير مسألة العتق بلا فرق.
قال: ويجوز في بعض العبد كالعتق، فإن دبر البعض، أي: وكان ملكه بجملته- لم يسر إلى الباقي؛ لأنه ليس بإتلاف ولا بسبب يوجب الإتلاف؛ بدليل جواز بيعه؛ فلم يقتض السراية، قال في "المهذب" وغيره: ومن أصحابنا من حكى قولاً آخر: أنه يسري.
فعلى الأول إذا مات عتق ما دبره بلفظه، وهل يسري إلى الباقي؟ فيه وجهان