الجواز ثم عاد، فهل يحكم بانقطاع التدبير؟ فيه تردد بين: يجوز أن يقال: ينقطع؛ لزوال الملك؛ كما لو زال الملك لازماً، ويجوز أن يقال: لا ينقطع؛ كالطلاق الرجعي إذا تداركته الرجعة. وهذا منه يشعر بأنا إذا حكمنا بأن القبض في الهبة مبين للملك من حين العقد، يكون الملك فيه جائزاً؛ إذ لو لم يكن كذلك، لما حسن التخريج الذي ذكره، والله أعلم.
العرض على البيع هل يكون كالتصريح بالرجوع؟ فيه وجهان، وقيل:[إن] ذلك ينبني على أن التدبير وصيّة فيكون رجوعاً، أو عتق بصفة، فلا يكون رجوعاً.
إذا قال: رجعت في تدبير رأسك، ففي قيامه مقام التصريح بالرجوع في كله وجهان، أحدهما: نعم؛ لأنه يعبر عن الجملة بالرأس؛ يقال: له رأس [من] الرقيق.
إذا قلنا: لا يحصل الرجوع إلَّا بزوال الملك، فرهنه، فهل يصح ويكون رجوعاً أم لا؟ [قد] تقدم الكلام فيه في الرهن.
قال: وإن دبر جارية، ثم أحبلها، بطل التدبير؛ لأن العتق بالسببين يقع في زمن واحد، ولم يظهر للعتق بأحدهما فائدة لا تحصل في العتق بالآخر، والاستيلاد أقوى؛ لكونه لا سبيل إلى إلغائه بعد ثبوته، فَقُدِّم، وإن لم يكن بين التدبير والاستيلاد منافاة؛ كي لا يعلل الحكم الواحد بعلتين.
وبقولنا:"إن العتق بهما يحصل في زمن واحد ... " إلى آخره، يخرج ما إذا كانت أمته، ثم استولدها؛ فإن الكتابة لا تبطل، كما سنذكره. وفي "تعليق" القاضي الحسين: الجزم في هذا الكتاب بأن الاستيلاد لا يبطل التدبير، حتى لو قال السيد: مدَبَّرِيَّ أحرار، تعتق هي.
تنبيه: قول الشيخ: إن التدبير يبطل بالإحبال، فيه إشارة إلى أن الوطء لو وجد دون الإحبال لا يكون رجوعاً فيه، وهو ما صرّح به القاضي الحسين، سواء عزل أو لم يعزل؛ لأنه إذا لم يعزل فقد قصد تأكيد الحرية بالاستيلاد، وهذا بناء على ما ذكره من أن الاستيلاد لا يبطل التدبير، ووافقه الإمام على ذلك.