للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلنا: إنه وصية، بطل؛ كما تبطل الوصية بالكتابة على الصحيح، وبه جزم بعضهم كما ذكرناه.

وإن قلنا: إنه عتق بصفة، فالكتابة لا تزيل الملك عن الرقبة؛ فلا يكون رجوعاً؛ كالعتق المعلق بصفة، وهذه طريقة الشيخ أبي حامد.

وحكى الإمام القولين عن رواية صاحب "التقريب" فيما إذا قلنا: إن التدبير وصية، فهل تكون الكتابة رجوعاً أم لا؟ وكان على قياس ما حكاه القاضي أبو حامد في "الجامع" أن تكون رجوعاً قولاً واحداً، وإن قلنا: إنه [تعليق بصفة]؛ لأنها عقد يفضي إلى زوال الملك، كالهبة قبل القبض.

وقد حكي عنه أنه قال: يسأل عن قصده بالكتابة، فإن أراد بها رجوعاً في التدبير كان راجعاً في أحد قوليه دون الآخر، وإن قال: أردت إثباته على التدبير، فهو مدبر مُكاتب في القولين معاً، وكان الفرق بين ما ذكره في الهبة ونحوها وبين الكتابة: أن الهبة إذا تمت بالقبض فات التدبير؛ فلذلك جعلت مبطلة له، وإن لم تتصل بالقبض؛ نظراً إلى آخر الأمر، والكتابة في ابتدائها لا تزيل الملك، وإذا تمت بأداء النجوم حصَّلت مقصود التدبير وهو العتق؛ فلم تكن منافية له حالاً ومآلاً، بل مناسبة له، والرجوع إنما يكون بالمنافي لا بالمناسب والمماثل، وبهذا رد القاضي الماوردي على الشيخ أبي حامد تخريج المسألة على قولين، وإن جرى مجرى الوصية.

فرع: إذا علق عتق عبده بصفة مطلقة، ثم دبَّره- صح التدبير. فإن وجدت الصفة قبل الموت، عتق وبطل التدبير، وإن لم توجد حتى مات السيد، عتق بالتدبير. ولو دبره ثم علق عتقه على صفة، قال في "التهذيب": صح، وكان التدبير باقياً بحاله، وأبدى الإمام في كونه رجوعاً تردداً، مأخوذاً من الخلاف الذي رواه عن صاحب "التقريب" من قبل.

فرع: إذا دبر حمل الجارية دونها صح.

فإذا قلنا: لا يصح الرجوع في التدبير بالقول، فالحمل لا يمكن بيعه على الانفراد، فطريقه: أن يبيع الأم بقصد الرجوع، فلو باعها من غير قصد الرجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>