وبالمثال يظهر الفرق بين المذهبين، فإذا مات وخلف بنتَ بنتٍ وبنت بنت ابن: المنزلون يجعلون المال بينهما أرباعاً بالفرض والرد، كما لو كان في المسألة بنت وبنت ابن، وأهل القرابة يجعلون الكل لبنت البنت؛ لقربها.
مثال ثانٍ: بنت ابن بنت، وبنت بنت ابن: المال للثانية بالاتفاق؛ أما على مذهب أهل التنزيل فلأن السبق إلى الوارث هو المعتبر، وأما على الثاني فلأن المعتبر عندهم الأسبق درجة.
مثال ثالث: بنت بنت، وابن بنت، وأخت له من بنت أخرى: المنزلون يقولون: لو كانت البنت حَيَّة لكان المال لها بالفرض والرد، فيجعل نصف المال لبنت البنت الفردة، ونصفه الآخر لبنت البنت الأخرى ولأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين. [وأهل القرابة يجعلون المال بين الثلاثة: للذكر مثل حظ الأنثيين].
وإذا تأملت ذلك عرفت أن هذا الخلاف في مذهبنا، وقد يفهم منه أن ذلك خلاف أبي حنيفة، وليس كذلك، بل محل الخلاف بيننا وبينه في التوريث بالرد وذوي الأرحام قبل بيت المال، وبمثل مذهبه قال المزني وابن سريج؛ كما حكاه في "التهذيب"؛ واستدلوا له بقوله تعالى:{وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأحزاب: ٦]، ولم يفصل. وقد روى أبو داود عن المقدام – وهو ابن معد يكرب الكندي – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ، وَيَرِثُهُ". وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الْخَالَةُ أُمٌّ"، وروي أنه – عليه