قال القاضي أبو الطيب: وكان عمرُ أولَ جدٍّ قاسَمَ الإخوة، وقد وجه ظاهر المذهب بقوله تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ}[النساء: ٧]، والأخ من الرجال؛ فوجب أن يكون له نصيب مما ترك أخوه، ولأنه ذكر يعصب أخته؛ فوجب ألا يسقط بالجد؛ قياساً على الابن، ولأن كل امرأة تستحق نصف المال إذا انفردت فلا يحجبها الجد، أصله: البنت.
قال الشافعي – [رضي الله عنه]-: ولأن الأخ أقوى من الجد؛ لأنه يقول:[أنا] ابن أبي الميتِ، والجد يقول: أنا أبو أبي الميت، والأب لو كان هو الميت لكان الجد يأخذ سدس المال، والأخ خمسة أسداسه؛ فدل على أن الأخ أقوى من الجد، وكنا يجب تقديمه، لكن إجماع الصحابة على خلاف ذلك مَنَعَ منه.
قال القاضي أبو الطيب: وهذا ينتقض بشيئين:
أحدهما: ابن الأخ مع الجد؛ فإن الأب لو كان هو الميت لأخذ ابن الأخ خمسة أسداس المال، والجد السدس، ومع هذا: الجد مقدم عليه في مسألتنا.
والثاني: العم يقول: أنا ابن جده، وأبو الجد يقول: أنا أبو جده، ولو كان الجد هو الميت لكان العم يأخذ خمسة أسداس المال، وأبو الجد يأخذ السدس، وليس العم مقدماً [عليه]؛ فبطل ما قاله الشافعي رضي الله عنه.
ثم قال: والطريق الصحيح أن يقال: إنهما شخصان يدليان بشخص، الواسطة بينه وبين الميت: أحدهما بالأبوة والآخر بالبنوة، والله أعلم.
فإذا تقرر أن أحد الصنفين لا يسقط الآخر، وهم في درجة واحدة – وجب أن يجعل المال بينهم، كما لو كان الجد أخاً، وإنما اعتبر ذلك عند عدم نقص نصيب الجد عن الثلث، ولم يعتبر عند نقصه، كما صار إليه زيد بن ثابت،