على أنَّها هل تُقَرُّ على النصرانية أم لا؟ إن قلنا: تقرُّ، جاز، وإلا فلا، ومن دان بدين اليهود بعد مبعث عيسى- عليه السلام- كمن دان به بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: كمن دان بعد التحريف.
وأمَّا السامرة فهل هم من اليهود، والصابئة من النصارى؟ فيهم أربعة طرق:
القطع بأنهم منهم.
القطع بأنهم ليسوا منهم، وهو اختيار الإصطخري.
طَرْدُ القولين، نقلهما أبو علي عن الخراسانيين.
والمذهب الذي ذهب إليه [جمهور الأصحاب]: أنهم إن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصول الأديان فليسوا منهم، وإن وافقوهم في أصول الدين وخالفوهم في فروعهم، فهم منهم.
وقطع العراقيون بحل مناكحتهم إذا قلنا: إنهم منهم، وكذلك القاضي الحسين في باب [عقد الذمة]، وتردد فيه الخراسانيون.
ووجه المنع: أنهم كالمبتدعة في ديننا، ومبتدعة ديننا تحل مناكحتهم؛ لأمور سمعيّة [منعتنا من] ذلك وهي مفقودة في حقهم.
وأمَّا غير اليهود والنصارى من أهل الكتب: كمن يؤمن بصحف إبراهيم وشيث، وزَبُور داود، فلا يحلُّ للمسلم مناكحتهم؛ لأن ما فيه مواعظُ، وليس بحُكْم.
وقال في "التتمة": "حكمهم حكم المجوس".
[وحكى القاضي أبو الطيب في "تعليقه" في باب "عقد الذمة" عن أبي إسحاق: أنه تحل مناكحتهم، وتحل ذبائحهم].
إذا تقرر ذلك فيكره نكاح من قلنا: يحل نكاحها، حربيّة كانت أو ذميّة، والكراهة في الحربيّة أشد؛ خشية من أن تسبى فيُسترَق ولده ولا يصدَّق بأنه مسلم.
وقيل في الذمية: إنه لا يكره نكاحها، وهو ما حكاه الغزالي.