قال:"ولا يحرم وطؤها بملك اليمين"؛ لأنه يباح له وطء حرائرهن بملك اليمين، فيباح له وطء الإماء بملك اليمين، وللأمن [من] المحذور المانع من نكاحها، ولأن الاستباحة به أوسع؛ فإنه غير محصور. نعم، لو كانت الأمة مجوسية انبنى حلُّ وطئها على جواز نكاحها، وهل يملك السيّد إجبار [أمته] المجوسيّة والوثنية على الإسلام؟ فيه خلاف تقدّم ذكره عند الكلام في إجبار الذميّة على الغسل.
قال: ويحرم على الحرّ نكاح الأمة المسلمة إلا أن يخاف العنت- أي: الزنى- ولا يجد، [أي] في الموضع الذي هو [فيه]، صداق حرّة، أي: مسلمة يمكنه وطؤها؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً}[النساء: ٢٥] إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٥]، ولما روى عن جابر أنّه قال: من وجد صداق حرةٍ لا ينكح الأمة.
وروي مثل ذلك عن ابن عباس، رضي الله عنهما.
[والطَّوْل: السَّعة في الفضل، قاله ابن عباس].
والعنت: المشقة [الشديدة.
ويقال: إنه الهلاك، والمراد به في الآية: الزنى، وسمي به؛ لأنه سبب المشقة] والهلاك بالحد في الدنيا، والهلاك في الآخرة بالعقوبة.
وليس المراد بخوف الزنى: أن يغلب على ظنه الوقوع فيه، بل المراد: الذي يتوقعه لا على سبيل الندور.
وليس غير الخائف: هو الذي يعلم الاجتناب عنه، لكن غلبة الظن بالتقوى والاجتناب تنافي الخوف؛ فمن غلبت شهوته ورقّ تقواه فهو خائف، [ومن ضعفت شهوته، وهو يستبعد الوقوع في الزنى لدينٍ أو مروءةٍ أو حياءٍ- فهو غير