وقد روى البخاري عن ابن مسعود أنه- عليه السلام- أُتِي بحجرين ورَوْثة؛ فألقى الروثة، وقال:"إِنَّهَا رِجْسُ"، ويروي:"رِكْسُ"، وهو الرجيع، وذرق الطيور في معناه.
والقول- أو الوجه- المحكي في بول ما يؤكل لحمه مطرد في روثه وذرقه حكاه صاحب "البيان" والرافعي.
وعلى الأول- وهو المذهب-[في] جرو السمك والجراد وما لا نفس له سائلة وجهان في "الإبانة"، وكذا الوجه المحكي في بول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جار في روثه، كما قال في "الإبانة" و"تعليق القاضي الحسين".
وهما فيما لا نفس له سائلة مفرعان- كما قال الإمام- على قولنا بطهارة ميتته، واستبعد القول بطهارة روثه؛ فإن ميتته لا تحل؛ فلا يؤثر القول بطهارة ميتته في طهارة روثه؛ فإن الآدمي لا ينجس بالموت، وفضلاته نجسة ولكن الفرق واضح.
وفي "تعليق البندنيجي" أنه سأل الشيخ- يعني: أبا حامد- عن جرو السمك والجراد؛ فإن الناس يأكلون الصغار من ذلك على جهته؟ فقال: كل هذا طاهر، فقلت: فما الذي يصنع بقول الشافعي: "لأنه بول"؟ فقال: ينبغي أن يقال: هو نجس، فقلت: فما تقول في جب أقام فيه سمك، ومعلوم أنه بال وذرق؟ فقال: ينبغي أن يكون الحكم في أبوال هذه وأوراثها- أنه نجس معفو عنه؛ لأن الاحتراز عنه لا يمكن.
والإنفحة من السخلة المأكولة إذا لم تطعم غير اللبن إذا ذبحت، طاهرة؛ لإطباق الأمم على استحلال الجبن مع علمهم بأن انعقاده بالإنفحة فنزلت من جهة الحاجة منزلة أصل اللبن الذي أبيح لأجل الحاجة.