أن هذا الفسخ سببٌ ظاهر، وليست هي مستحقة المهر، وإنما المهر لغيرها؛ فيبعد سقوطه؛ فالقطع باستقرار المسمى إذا جرى فسخ العقد بعد المسيس موثوق به نقلاً وتعليلاً"، هذا آخر كلامه، ووافقه الغزالي عليه.
وقال الرافعي: وسواء قلنا: إن الواجب مهر المثل، أو المسمى، فهو للسيد؛ إذا لم تكن مفوضة.
قلت: وفي وجوب مهر المثل له مباحثة؛ لأن من يوجب مهر المثل يوجهه بأن الفسخ يستند إلى وقت وجود سببه، وهو العتق، فالوطء بعده كأنه في نكاح فاسد، ومقتضى هذا التوجيه أن يكون المهر للأمة؛ لأن الوطء الموجب له جرى وهي حرة.
وعلى تقدير: أن يحكم له به ويعلله بأنه محسن؛ فلا يليق حرمانه؛ فينبغي أن يجب له أقل الأمرين من مهر المثل والمسمى؛ لأنه إن كان المهر أقل؛ لم نوجب على الزوج سواه، وإن كان المسمى أقل فالقدر الزائد حصل بسبب الحرية؛ فيكون لها؛ كما قلنا فيما إذا قطعت يد عبد، ثم أعتق، ثم مات- فإنه يجب للسيد أقل الأمرين من كل الدية [وكل القيمة].
ووجه الشبه: أن السراية صيرت القطع قتلاً وهي حاصلة بعد العتق، والقطع سببه، وهو موجود في الرق.
وقال في الذخائر: إذا قلنا بوجوب مهر المثل ينبغي أن يخرج على الوجهين فيما إذا كانت مفوضة، ولم يفوض لها، ولم يدخل بها، وقلنا: إن المهر يجب بالوطء في أنه هل يجب للسيد أو لها؟
قال: فإن طلقها الزوج قبل أن تختار الفسخ- أي: طلاقاً بائناً- ففيه قولان:
أحدهما- وهو الصحيح، والمنقول في الإملاء-: أنه يقع؛ لأنه صادف النكاح.
والثاني- وهو المنصوص في الأم-: أنه موقوف، فإن فسخت، لم يقع؛ لأن إيقاعه يبطل حقها من الفسخ، وإن لم تفسخ، تبينا أنه قد وقع؛ لأنه لا يبطل حقها من الفسخ.
وأيضاً: فإنه إذا طلق في الردة يكون الطلاق موقوفاً، فكذلك ها هنا.
والقائل الأول يفرق بأن الانفساخ بالردة يستند إلى حالة الردة؛ فتبين أن