للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من فرق بوجوه:

أحدها: أن حكم نكاح الحرة بعد موتها باق؛ بدليل الإرث، وجواز تغسيلها ووجوب الكفن عليه على رأي، وليس لليسار الفائت حكم حتى يقام الأثر مقام المؤثر.

والثاني: أن المرأة إذا أسلمت وتعينت حُسِبَتْ على الزوج ولم يؤثر موتها، ألا ترى أنه لو أسلم وتحته خمس نسوة، ثم أسلمت واحدة، فاختارها، ثم أسلمت البواقي، لم يكن له إمساكهن، وإنما يمسك ثلاثاً منهن.

والثالث قاله الإمام: أن الأمر في الحرة أعظم وأظهر من اليسار؛ فلا ينزل منزلتها، ألا ترى أنه لو كان في نكاحه حرة رتقاء أو غائبة- لم ينكح الأمة، ولو كان ماله غائباً لا يصل إليه إلا بعد زمان طويل يجوز له نكاح الأمة؛ هذا آخر كلامه في الفرق.

ونقل عن أبي يحيى البلخي: أن المعتبر في اليسار والإعسار وجوب العنت حالة إسلام أحدهما، ولا يعتبر حالة الاجتماع، حتى لو نكح أمة في الشرك- مثلاً- ثم أسلم وهي متخلفة، ولما أسلم كان معسرً خائفاً من العنت، ثم أسلمت وهو موسر وذلك في العدة- فله إمساك الأمة.

قال الإمام: وهذا الذي ذكره سخيف لا يساوي الذكر، ولو أسلم وأسلمت معه واحدة، ثم أسلمت الباقيات، وهو معسر، كان له أن يختار واحدة من الباقيات.

وقال ابن الصباغ: ليس له أن يختار واحدة منهن؛ لأن بإسلام الأولة دخل وقت الاختيار؛ ألا ترى أنه لو كان معسراً- كان له أن يختارها، فإذا كان موسراً، فقد بطل اختياره.

ولو أسلم وتحته ثلاث إماء، فأسلمت واحدة معه وهو معسر، ثم أسلمت ثانية وهو موسر، ثم أسلمت الثالثة وهو معسر، فيندفع نكاح الثانية، ويتخير بين الأولى والثالثة؛ وهذا مبني على ظاهر المذهب.

فرع: لو أسلم معه واحدة من الإماء، فله أن يختارها للبقاء دون الفسخ.

قلت: وكان يحتمل ألَّا يصح اختيارها للبقاء- أيضاً- لاحتمال أن تُفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>