للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنا تُعُبدنا بغسله، والنجس لا يتعبد بغسله؛ لأن غسله يزيد النجاسة، كذا حكى عن ابن سريج.

ولأنه مكرم؛ كما دل عليه قوله- تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠]، ولا يليق بكرامته الحكم بنجاسبته؛ وهذا القول نص عليه في "الأم" وبه قال الأنماطي وأبو العباس.

قال الماوردي في الجنائز وسائر أصحابنا: ومقابله أنه نجس؛ لأنه حيوان طاهر في الحياة، غير مأكول بعد الموت، فكان نجساً كغيره.

ولأنا تعبدنا بغسله، ولا نؤمر بغسل الطاهرات. كذا قاله أبو إسحاق، وهذا القول أخذ من قول الشافعي: "إذا جبر عظمه بعظم نجس ومات لا يقلع؛ لأنه صار ميتاً كله"؛ فدل على أنه ينجس بالموت.

وكذا قوله في الجنائز: "ويتخذ إناءين: إناء يغرف به من الماء المجموع، فيصب في الإناء الذي يلي الميت، فإن تطاير من غسل الميت إلى الإناء الذي يليه لم يضر بالآخر- يدل على نجاسته أيضاً.

وكذا قوله: "لو اضطرب سن من أسنانه فأثبتها بذهب أو فضة لم تصح صلاته؛ لأنها صارت ميتة"، كذا حكاه عنه القاضي الحسين قبيل باب الساعات التي تكره فيها الصلاة، وابن الصباغ عزاه إلى نصه في "الأم" في باب الصلاة بالنجاسة.

وقد اختار هذا القول الصيرفي وأبو إسحاق، كما قال البندنيجي في الأطعمة، وقال في كتاب الصلاة: إنه المذهب.

وأبو الطيب نسب الأول إلى اختيار أبي إسحاق، والثاني إلى اختيار الأنماطي وأبي العباس، وقال: إنه القياس، فإنه لو قطع عضو منه في حياته لكان نجساً، ولو كان لا ينجس بالموت لم ينجس ما قطع منه كالسمك إذا قطع منه شيء لا ينجس. وهذا من القاضي يدل على الجزم بأن ما أبين من الآدمي نجس، وبه صرح في باب الصلاة بالنجاسة.

وغيره حكى فيه طريقين: أصحهما: القطع بنجاسته، والثاني: حكاية خلاف فيه. وعلى ذلك جرى الإمام والرافعي [هنا والماوردي] في الجنائز، لكن الماوردي

<<  <  ج: ص:  >  >>