من منزله، أو ما جانس ذلك، وليس من النشوز الشتم، وبذاءة اللسان، لكنها تستحق التأديب، وهل يؤدبها [الزوج] أو يرفع الأمر إلى القاضي؟ فيه خلاف، [والذي أورده صاحب "الكافي" في باب "حد الخمر" أن للزوج ذلك عند عضل شيء واجب عليها].
قال: وتكرر منها- هجرَها في الفراش دون الكلام، وضربها ضرباً غير مبرح؛ أي: غير شاق وشديد الألم؛ لقوله تعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء: ٣٤]، وفي عدد الضرب وجهان:
أحدهما: دون الأربعين.
والثاني: دون العشرين.
وهل هجرانها في الكلام محرم، أو مكروه؟ فيه وجهان منقولان فيما علق عن الإمام، قال: والذي عندي: أنه لا يحرم الامتناع من الكلام أبداً، نعم: إذا كلم فعليه أن يجيب، وهو بمثابة ابتداء السلام، والجواب عنه.
وفي الذخائر: أن المذهب: أنه لا يجوز.
ومحل الخلاف فيما فوق الثلاث، أما الثلاث فما دونها فلا يحرم قولاً واحداً.
قال: وإن ظهر ذلك مرة واحدة؛ ففيه قولان:
أحدهما: يهجرها، ولا يضربها، وهو نصه في الأم، ورجحه الشيخ أبو حامد والمحاملي؛ لأن جنايتها لم تتأكد؛ وقد يكون ما جرى لعارض قريب الزوال؛ فلا يحتاج إلى التأديب بالإيلام؛ فعلى هذا يصير معنى الآية: فعظوهن إن رأيتم أمارات النشوز، واهجروهن إن امتنعن، واضربوهن إن أصررن، وتكون صيغة الخطاب- وإن كان ظاهره التخيير- مرتباً على اختلاف الأحوال، [كقوله عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية [المائدة: ٣٣]، والعقوبات فيها ترتيب على اختلاف الأحوال].
قال: والثاني: يهجرها، ويضربها، وهو الأصح عند الشيخ في المهذب، وابن الصباغ؛ لحصول النشوز؛ كما لو أصرَّت عليه، ومن قال بهذا القول قال: الخوف في الآية بمعنى العلم؛ كقوله تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً}[البقرة: ٨٢]، فإذا علم النشوز، حل له الوعظ، والمهاجرة، والضرب جميعاً؛ فأوَّل