وإنما لم تشترط القرابة وإن كان ظاهر الآية يدل عليها؛ لأنها لا تشترط في الحاكم ولا في الوكيل.
وفيما علق عن الإمام: أنه يشترط أن يكون المبعوثان من أهلهما؛ لظاهر الآية.
وفي النهاية أنه لا يشترط إجماعاً، [والله أعلم].
قال: وهما وكيلان لهما في أحد القولين، وهو الأصح في التهذيب، والمنصوص عليه في أكثر الكتب على ما حكاه في الذخائر، والأقيس في النهاية؛ لأن البضع حق الزوج، والمال حق الزوجة، وهما رشيدان؛ فلا يولى عليهما.
ولأن الطلاق لا يدخل تحت الولاية، ولا يرد على ذلك المولى؛ فإنه خارج عن القياس؛ فعلى هذا لابد من رضاهما؛ فيوكل الزوج حكماً في الطلاق، وقبول العوض، وتوكل المرأة حكماً في ترك العوض، فلو لم يوكلا، فليس لهما إلا البحث عن محل اللبس؛ حتى يتبين للقاضي الظالمُ منهما من المظلوم، [ثم] يُمضي حكمه في الإنصاف.
قال: وهما حكمان من جهة الحاكم في القول الآخر؛ فيجعل الحاكم إليهما الإصلاح أو التفريق من غير رضا الزوجين، وهو الأصح؛ لأن الله- تعالى- سماهما: حكمين، والحكم من يحتكم، ولا امتناع أن يثبت على الرشيد الولاية عند امتناعه من أداء الحقوق؛ كالمفلس، والمولَّى [عليه].
وأيضاً: ما روي عن علي [كرم الله وجهه- أنه] بعث حكمين، وقال: أتدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تفرقا: أن تفرقا، وإن رأيتما أن تجمعا: أن تجمعا، فقال الزوج: وأما الطلاق فلا، فقال علي: كذبت، لا والله، لا نبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي).
وبنبغي أن يخلو كل واحد من الحكمين بأحد الزوجين، ويأخذ ما عنده، ثم يجتمعان، ويتشاوران، ثم يفعلان ما يؤدي إليه اجتهادهما، فإن رأى حكم الرجل أن يطلق طلق، [واستقل به] ولا يزيد على طلقة، ولكن إن راجع الزوج، ودام الشقاق، زاد إلى أن يستوفي [الطلقات] الثلاث.