أحدهما: أن الحق الواجب على المولي أحد الأمرين: إما الفيئة أو الطلاق، والإكراه يكون على الوفاء بالحق على هذا الوجه، ومن أكره بغير حق على فعل أحد أمرين من غير تعيين، ففعل أحدهما على التعيين، كان كفعله بغير إكراه؛ كما تقدم ذكره فيما إذا أكره على طلاق إحدى زوجتيه؛ فكيف [يحسن] أن يحترز عنه؟
وجوابه أنا لا نسلم أنه [إذا] أكره على فعل أحد الأمرين على الإبهام، ففعله على التعيين: أنه ينتفي الإكراه [ظاهراً] على ما حكاه في التتمة.
وعلى تقدير التسليم فالفرق أن ثم يمكنه أن يطلق إحداهما على الإبهام، فحيث عدل عنه إلى التعيين، كان مختاراً فيه، وها هنا لا يمكنه أن يفعل أحدهما على الإبهام، فكان من ضرورة الإكراه التعيين.
ولقائل أن يقول: ما ذكرته من الفارق موجود فيما إذا أكره على قتل أحد الرجلين، ومع هذا لا يخرج به عن أن يكون مختاراً في القتل على المذهب، وكذلك فيما [إذا] أكره على طلاق زينب أو عمرة؛ خلافاً للقاضي الحسين [فيهما] على ما حكاه في التعليق، وإذا كان كذلك دل على عدم تأثير الفرق.
الثاني: أن الاحتراز إنما يحسن إذا قلنا: إن الإكراه يكون بغير القتل والقطع، أما إذا قلنا: إنه لا يحصل إلا بالقتل أو القطع، فالقاضي لا ينتهي في حق المولي إلى هذا الحد؛ فلا يحسن الاحتراز عنه.
وأما الثاني- وهو ما يحصل به الإكراه-: فقد قال الشيخ: إن التهديد بالقتل والقطع- أي: غير المستحق- والضرب المبرح-[أي]: الذي يخاف منه الهلاك- يحصل به الإكراه.
ووجهه: أن أهل العرف يعدونه إكراهاً؛ وهذا ما اختاره أبو إسحاق مقتصراً عليه على ما حكاه الرافعي.