للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق الله تعالى، [حتى لو تعلق به حق الآدميين، لا يقبل قوله فيما بينه وبين الله تعالى، مثل] أن يقول: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، ثم قال: نويت شهراً. وما ذكره من الفرق حسن في القبول ظاهراً كما ذكره ابن الصباغ، أما في القبول بطناً فلا.

فرع: لو قال لزوجتيه: إن دخلتما هاتين الدارين فأنتما طالقتان، فدخلت كل واحدة منهما إحدى الدارين، فوجهان:

أحدهما: تطلقان؛ لدخولهما الدارين.

والثاني: لا؛ لأن قضيته دخول كل واحدة منهما الدارين؛ ألا ترى أنه لو قال لواحدة: إن دخلت الدارين، اعتبر أن تدخلهما، فكذلك إذا ضمها إلى غيرها، وهذا هو الصحيح في "المهذب".

ولو قال: إن أكلتما هذين الرغيفين، فأكلت كل واحدة منهما رغيفاً، قالوا: يقع الطلاق؛ لأنه لا مساغ فيه للاحتمال الثاني، وأجرى فيه الشيخ في "المهذب" الوجهين.

قلت: ويتجه أن يكون الخلاف في هذه [المسألة] مبنياً على المسألة الأولى، وعلى مسألة تعليق الطلاق بالمستحيل، وبيانه: أنا إن قلنا في المسألة الأولى بوقوع الطلاق، فكذلك ها هنا؛ لوجود الصفة، وإن قلنا: لا يقع؛ لأن الصفة دخول كل واحدة منهما الدارين، فهنا تكون الصفة أكل كل واحدة الغريفين، وذلك مستحيل، فيتخرج وقوع الطلاق على التعليق بالمستحيل، والله أعلم.

قال: [قال في "الشامل" عند الكلام في السنة والبدعة: إذا قال لها: إذا قدم أبوك فأنت طالق، فقالت له: عجلها لي، فقال: عجلتها لك- نقل المزني في "المنثور" عن الشافعي: أنها لا تعجل].

وإن قال: إذا جاء رأس الشهر، فأنت طالق، ثم قال: عجلت لك ذلك- لم يتعجل. وصورته- على ما حكاه البندنيجي في مذهبه- أن يقول لها: أنت طالق تلك الطلقة الساعة، وقد عجلت إيقاعها عليك الآن، وإنما كان كذلك؛ لتعلقه بالوقت المستقبل، كما لو نذر صوم يوم معين، وكما أن الجعل في الجعالة لم تعلق استحقاقه بالعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>