منهن، وعليه البيان، وإن أراد: من جميعهن، طلقت كل واحدة طلقة، كقوله: زوجاتي طوالق، ولابد من النية، حكاه قبل باب الاستثناء.
قال: فإن قال: هذه، لا بل هذه- طلقتا؛ لأن [هذا البيان] بيان إقرار وإخبار عن التي طلقها، فإذا قال ذلك فقد أقر بطلاق الأولى، ثم رجع عنه، وأقر بطلاق الثانية، فقبل ما أقر به ثانياً، ولم يقبل رجوعه عن طلاق الأولى، وألحق القاضي الحسين بهذه الصورة في الحكم والتعليل، ما إذا قال: هذه وهذه، وكذا إذا قال: هذه بعد هذه، وهو المذكور في "التهذيب"، بخلاف ما إذا قال: هذه بعد هذه، [أو: هذه] ثم هذه، أو: هذه فهذه؛ فإن الأولى تطلق دون الثانية، وفرق في "التهذيب" بينهما بأن هذه الحروف للتعقيب؛ فلا تصلح للإيقاع، وحرف الواو للعطف، و [حكم المعطوف] حكم المعطوف عليه، وبل معناه ما ذكرناه.
واعترض الإمام على ذلك، فقال: كيفما قدر موجب الكلام ففي قوله: هذه ثم هذه، اعتراف بالطلق فيهما؛ فليكن الحكم كما في قوله:[أردت] هذه وهذه.
قال الرافعي: والحق الاعتراض.
وحيث حكمنا بالوقوع عليهما، فذاك فيما يتعلق [بحكم الظاهر]، فأما فيما بينه وبين الله- تعالى- فالمطلقة هي التي نواها، وعينها لا غير، وقد أشار إلى ذلك الشيخ في "المهذب" بقوله في الحكم: وصرح به الإمام، ثم قال: حتى لو قال: إحداكما طالق، ونواهما جميعاً، فالوجه عندنا: أنهما لا تطلقان، ولا يجيء فيه التردد المذكور فيما إذا قال: أنت طالق واحدة، ونوى ثلاثاً؛ لأن حمل إحدى المرأتين عليهما جميعاً لا وجه له، وهناك يتطرق إلى الكلام تأويل بيناه.
قلت: وهذا من الإمام بناءً على المذهب الصحيح في أن الإقرار بالطلاق من غير أن يصدر منه في نفس الأمر طلاق، لا يكون إنشاء للطلاق.