كان بياناً لوقع الطلاق عليها، كما لو قال لكل واحدة [منهما]: هذه المطلقة؛ فإنهما تطلقان.
ووجهه البندنيجي: بأن هذا البيان إخبار عن التي طلقها، والفعل لا يقع بالخبر، وإذا بين الطلاق في الموطوءة، وجب [عليه] المهر؛ لجهلها بأنها المطلقة، وأما الحد: فإن كان عالماً بأنها المطلقة، وكان الطلاق بائناً- وجب، وإلا فلا. وإن بينه في غير الموطوءة، قبل؛ فلو ادعت الموطوءة أنه أرادها حلف، فإن نكل حلفت، وحكم بطلاقها، وعليه المهر، ولا حد للشبهة؛ فإن الطلاق يثبت في الظاهر باليمين، هكذا قاله الرافعي.
قلت: وفي سماع دعواها على الإطلاق نظر، بل كان ينبغي أن يقال: إن علمت بالطلاق، ثم مكنته من الوطء فلا تسمع دعواها، كما إذا زوجت المرأة برضاها أو بدونه من رجل، ثم مكنته من الوطء، وادعت بعد ذلك أن بينها وبينه رضاعاً محرماً- فإنا لا نسمع دعواها على المذهب، إلا أن تبدي عذراً، فتسمع، على احتمال أبداه الغزالي.
وإن لم يعلم بالطلاق، بأن يكون قد نوى المطلقة، ولم يظهر لها بالقرائن أنه نواها، أو عرفت ذلك ولكن وطئت مكرهة- فإنه تسمع دعواها، ولعل الإطلاق محمول على ذلك.
قال: وإذا عين وجبت العدة من حين الطلاق؛ لأنه وقت وقوعه.
هذا هو الظاهر، وخرج فيه قول آخر أنها تعتد من حين التعيين. قال الإمام: وبنى الأصحاب هذين القولين-[الظاهر، والمخرج: أنه تعتد- على القولين] في المستفرشة بالنكاح الفاسد إذا فرقنا بينهما، فالعدة تعتبر من آخر وطأةٍ، أو من وقت التفريق بينهما؟
ووجه الشبه: أن الأمر ملتبس، واختلف القول في تاريخ ابتداء العدة كذلك إذا لم يبين، والأمر ملتبس في ظاهر الأمر مع كل واحدة، فإذا فرض البيان، كان هذا كالتفريق.