والتعيين يحصل بأن يقول: هذه المطلقة، أو: هذه [هي][التي] تبقى في قيد النكاح، ولو كانت النسوة ثلاثاً، وأشار إلى اثنتين منهن، فقال: من أردته بالطلاق في هاتين- انحصر الاختيار فيهما، وعليه أن يعين واحدة منهما، حكاه الإمام والرافعي في "نكاح المشركات".
قال: فإن قال: هذه، لا بل هذه، طلقت الأولى دون الثانية؛ لأن التعيين ها هنا ليس إخباراً عما سبق؛ وإنما هو إنشاء اختيار، وليس له إلا اختيار واحدة؛ فيلغو اختيار ما بعدها، ولا فرق في ذلك بين أن يوقع الطلاق عند التعيين، أو يسنده إلى وقت إطلاق اللفظ المبهم- على ما سيأتي- لأنا وإن أسندناه، فلا نجعل التعيين إخباراً، وإنما هو إنشاء تتمة اللفظ، ويخالف الحالة الأولى؛ فإنه يخبر هناك عن أمر سابق، ويجوز أن يكون صادقاً في الخبر الأول، وكذلك في الثاني، فإذا اجتمع الإقراران لم يكن بد من الواحدة بهما.
فرع: لو قال: امرأتي طالق، وله امرأتان، وأشار إلى إحداهما، ثم قال: أردت الأخرى- فهل يقبل منه؟ فيه وجهان، حكاهما الرافعي عن أبي العباس الروياني:
أحدهما: يقبل ذلك منه؟
والثاني: تطلقان.
قال:"وإن وطئ إحداهما، تعين الطلاق في الأخرى على ظاهر المذهب"؛ لأن هذا تعيين شهوة واختيار؛ فصح بالوطء، لدلالته على شهوته واختياره، ولأن الظاهر من حال المسلم أنه إنما يطأ من يحل له وطؤها؛ فصار كوطء الجارية المبيعة في زمن الخيار؛ فإنه يكون فسخاً من البائع، أو إجازة من المشتري، كذا قاله الإمام [، وهذا ما اختاره المزني، وصححه الشيخ في "المهذب"، والبغوي]، والقاضي ابن كج، وقال أبو إسحاق- على ما حاكه عنه البندنيجي-: إنه المذهب. وكذلك