للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسيها- أنه لا يحال بينه وبين وطئهن، وله أن يطأ أيتهن شاء، وإذا وطئ واحدة، انصرف الطلاق إلى غير الموطوءة، وهذا بخلاف ما حكيته من قبل، والله أعلم.

قال: وإذا عين، أي: إما بالقول، أو بالوطء إن رأيناه، وجبت العدة من حين الطلاق، وقيل: من حين التعيين، والأول أصح. وهذا الخلاف مبني على الخلاف في أن الطلاق متى يقع؟ وفيه قولان على ما حكاه القاضي، ووجهان على ما حكاه الرافعي:

أحدهما: أنه يقع من حين اللفظ؛ لأنه جزم بالطلاق ونجزه؛ فلا يجوز تأخيره، إلا أن محله غير معين، فيؤمر بالتعيين ولأن التعيين يبين التي اختارها للنكاح؛ فيكون اندفاع الأخرى باللفظ السابق؛ كما أن التعيين فيما إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة لما تبين به من يختارها للنكاح كان اندفاع [نكاح الأخريات] بالإسلام السابق.

والثاني: من حين التعيين؛ لأنه لو وقع قبل التعيين لوقع لا في محل، والطلاق شيء معين؛ فلا يقع إلا في محل معين، ولكن قول الزوج: إحداكما طالق، جَزْمٌ منه بالإيقاع؛ فاقتضى إيقاع الحيلولة؛ فإن الطلاق وإن لم يتم قد صدر صدوراً لا يرد؛ فلم يستقل ليقع، ولم يعلق لينتظر متعلَّقه؛ فكان مقتضاه إلزام الزوج إتمامه ولو بعد حين، فإذا أتمه إذ ذاك، وقع؛ فكأنه أوجب الطلاق ولم يوقعه، وقد يعبر عن هذا الخلاف بأن إرسال اللفظ المبهم إيقاع طلاق، أو التزام طلاق في الذمة؟ وقد صرح بذلك القاضي في "التعليق".

فإن قلنا: إنه طلاق موقع، فالطلاق يقع من وقت اللفظ، وحكم العدة كذلك.

وإن قلنا بالثاني، فالطلاق يقع من وقت التعيين، وتعتد من ذلك الوقت.

وقال ابن أبي هريرة: الطلاق يقع من حين اللفظ، والعدة من حين التعيين؛ فإن العدة قد تتأخر عن الطلاق، كما لو وطئت بشبهة بعد الطلاق، كذا حكاه البندنيجي عنه، وهو كالوجه المخرج في المسألة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>