قال: وإن قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق، رجع إليه، فإن قال: أردت الأجنبية، قبل منه، أي: مع اليمين. وهذا نصه في "الإملاء" و"الأم" جميعاً، على ما حكاه البندنيجي؛ لأن الكلمة مترددة بينهما محتملة هذه وهذه، فإذا قال: عينتها، صار كما لو قال لأجنبية: أنت طالق.
وقيل: لا يقبل منه، وتطلق زوجته؛ لأنه أرسل الطلاق بين محله وغير محله، فينصرف إلى محله؛ لقوته وسرعة نفوذه، وصار كما لو أوصى بطبل من طبوله، وله طبل حرب وطبل لهو، تنزل الوصية على طبل الحرب؛ تصحيحاً لها، والطلاق أقوى وأولى بالنفوذ من الوصية، والأول هو الصحيح، والذي أورده أكثر الأصحاب، ووجهه ما ذكرناه.
وأما القياس على الوصية فغير صحيح؛ لأن الكلام في الوصية عند الإطلاق، ونحن نقول بأنه عند الإطلاق يقع الطلاق هنا- أيضاً- على الزوجة، وقد صرح بذلك الفراء في "فتاويه" أيضاً.
فرع: لو كانت زوجته مع أمته، فالحكم كما لو كانت زوجته مع أجنبية، ولو كان معها رجل أو دابة، فقال: عنيت الرجل أو الدابة، لم يقبل؛ لأنه ليس لهما محلية الطلاق.
قال: وإن كانت له زوجة اسمها زينب، فقال: زينب طالق، [ثم قال]: أردت أجنبية اسمها زينب- لم يقبل في الحكم، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى. هذا هو المشهور، وفرق الأصحاب بين هذه الصورة والصورة السابقة:
بأن قوله:[زينب طالق، صريح في أنه ما طلق إلا واحدة، والمرأة الأخرى التي تسمى] زينب ما شاركتها في هذا الاسم لفظاً، وإنما شاركتها من حيث إن الاسم يصلح لها، والظاهر أن المراد الزوجة في العادة؛ فلا يقبل منه غير ذلك، وليس كذلك إذا قال: إحداكما طالق؛ لأن كل واحدة منهما شاركت [الأخرى] لفظاً؛ فلهذا قبل