والمراد بذهاب الأثر: أن تصير النجاسة مستهلكة لا يظهر لها لون ولا طعم ولا ريح، فإذا وجد ذلك، حصلت الطهارة مهما كان قدر الماء، ولا يتعين له قذر.
وقد حُكِيَ عن الشافعي نصان:
أحدهما: أنه يطرح على البول سبعة أضعافه من الماء و [قد] قال باشتراطه بعض الأصحاب كما حكاه الصيدلاني.
قال الإمام في باب الصلاة بالنجاسة: وهذا لست أعرف له توقيفاً، ولا له تحقيق من جهة المعنى.
وقال ابن الصباغ في الباب: عن أبي إسحاق أنه قال: لم يقل الشافعي ذلك تقديراً، وإنما قاله تجربة؛ فعلم أن البول لا يغمره إلا سبعة أضعافه.
والثاني: أن الذنوب متعين؛ لإزالة بول الشخص الواحد، وإن بال اثنان لم يطهر إلا دلوان، وبظاهره أخذ الإصطخري والأنماطي وابن خيران، [وقالوا: يتعين في بول الثلاثة ثلاثة، وهكذا في الزيادة]، قال أبو الطيب وغيره: وهذا غير صحيح؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون البول الكثير واليسير سواء، وهذا لا يجوز، ومراد الشافعي- رضي الله عنه-: أن بول الاثنين يريد من الماء أكثر مما يريده الواحد.
وقد أفهم كلام الشيخ أمرين:
أحدهما: أنه لا يشترط العصر فيما يمكن عصره كالثياب ونحوها، ولا ما يقوم مقامه فيما لا يمكن عصره وهو نضوب الماء في الأرض.
والعراقيون مطبقون على عدم اشتراط النضوب في طهارة الأرض وفي اشتراط العصر فيما يمكن عصره وجهان:
أصحهما عند أبي الطيب وغيره: لا؛ كما لا يشترط نضوب الماء في الأرض، وهو شربها له من غير جفاف؛ قاله في "الصحاح".
والثاني: أنه يشترط؛ لأن النجاسة كامنة فيه، وقد صحح هذا [عن] آخرين، والشيخ أبو علي بني الخلاف في العصر على غسالة النجاسة، فقال: إن قلنا: إنها طاهرة، فلا يجب، وإلا وجب.