للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والطريقة الثانية: أن النصين يتنزلان على حالين، وأن الاعتبار بمن سبقت دعواه منهما: فإن كانت المرأة سبقت بدعوى انقضاء العدة، ثم قال الرجل: كنت راجعتك- فالقول قولها؛ لأن الأصل حصول البينونة وعدم الرجعة، وإن كان الرجل قد سبق بدعوى الرجعة، ثم ادعت هي انقضاء العدة- فالقول قوله؛ لأنه يملك الرجعة، وقد صحت في الظاهر؛ فلا يقبل قولها في إبطالها، وهذه الطريقة هي المذكورة في الكتاب، وهي محكية عن أبي العباس وأبي إسحاق، وصححها الرافعي، وقال الشيخ أبو حامد: لا يجيء على المذهب سواها.

وفصل القفال فيما إذا سبق الرجل بدعوى الرجعة، فقال: إن كان قول المرأة: قد انقضت عدتي، متراخياً عن قوله، فالحكم كما تقدم، وإن كان متصلاً به، فهي المصدقة بيمينها؛ لأنا نجعل إقراره بالمراجعة في زمان العدة كإنشاء الرجعة في الحال، فقولها عقيبه: انقضت عدتي، إخبار عن أمر كان من قبل؛ فكأن قوله: راجعتك صادف انقضاء العدة؛ فلا يصح. وعلى ذلك جرى صاحب "التهذيب" و"التتمة".

قلت: وما قاله القفال من أن الإقرار بالرجعة في زمان العدة يجعل كإنشاء الرجعة في الحال، قد يمنع منه كما سيأتي، بل يمكن أن يكون لما قاله مأخذ غير ذلك، وهو أن من القواعد المؤسسة في المذهب: أن [من] قدر على الإنشاء قدر على الإقرار، ومن لا فلا، ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا ما نبهت عليه في كتاب النكاح.

وإذا كان كذلك، [فالزوج لو أراد إنشاء الرجعة في الوقت الذي أقر فيه بالرجعة لم يقدر على ذلك؛ لمصادفته انقضاء العدة، وإذا كان كذلك] لم نحكم بصحة إقراره؛ عملاً بالقاعدة المذكورة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>