والثاني: لا؛ لأن المقصود باليمين ألا تزيد على واحدة.
وهما كالوجهين اللذين حكاهما من قبل في كتاب الطلاق فيما إذا قال: إن كنت أملك إلا مائة فأنت طالق، وكان يملك أقل من مائة، لكنه حكى فيها طريقة أخرى قاطعة بأنه يحنث، وهي ما صدَّر بها ابن الصباغ كلامه عند الكلام في الفروع المذكورة في آخر كتاب الطلاق، ثم قال بعد حكاية الوجهين:
والأول: أصح؛ لأنه مستثنىً من نفيٍ؛ فوجب أن يكون إثباتاً.
قلت: ومقتضى ما ذكره من التعليل أن تجيء هذه الطريقة في هذه المسألة- أيضاً- وأنه يحنث قولاً واحداً. ثم هذا كله عند الإطلاق، أما إذا نوى فالحكم بما نواه.
الثاني: لو وطئ، ثم نزع، ثم أولج ثانياً- لزمته الكفارة بالإيلاج الثاني، وسيأتي وجه فميا إذا علق الطلاق بالوطء، فوطئ، ثم نزع، ثم أولج: أنه لا يجب الحد، ويجعل الإيلاج ثانياً كالاستدامة، وذلك الوجه جارٍ ها هنا، قال الإمام: وهذا أقرب فيما نحن فيه؛ لأن الأيمان يرجع فيها إلى العرف، والإيلاجات المتتابعة في العرف تعدُّ وطأةً واحدة.
قال: وإن قال: والله لا أصبتك في هذا البيت، لم يكن مولياً؛ لأن بقاءها في البيت إلى أن تنقضي مدة الإيلاء محتمل كاحتمال الخروج منه؛ فصار كما لو قال: لا وطئتك حتى أمرض، ولأنه يمكنه وطؤها من غير ضرر يلحقه بأن يخرجها منه، ثم يَطَأَها، وكل من لا يلزمه ضرر بالوطء لا يكون مولياً. ويفارق هذا ما إذا قال: إن وطئتك فعبدي حر؛ حيث جعلناه مولياً في الجديد، وإن كان يمكنه بيعُ العبد ووَطؤها؛ لأن في نفس البيع ضرراً يلحقه؛ لأنه ربما لا يشتري بثمن مثله ويحتاج [أن] يشتريه بأكثر من ذلك، وقد لا يبيعه المشتري؛ فيلحقه بذلك الضرر.
هذا هو المشهور، وكان يتجه أن يجيء فيه الوجه المذكور فيما إذا قال: لا وطئتك حتى أمرض.
وقد حكاه في "التتمة" فيما إذا قال: لا وطئتك حتى أخرجك من البلد.