ولا فرق في انعقاد الإيلاء بوطء ثلاث منهن بين أن يكون الوطء في نكاح أو بعد البينونة؛ لأن اليمين تشمل الحلال والحرام، ولا بين أن يكون في المَاتَى أو في غيره على [وجه حكاه الغزالي في "فتاويه"، وهو] ما اختاره الإمام، ووجَّهه بأن ذلك وإن كان يبعد فعله فليس خارجاً عن عرف اللسان، ولا يراعى في الأيمان ما يجري العرف به عملاً، وإما يراعى ما يعد مندرجاً تحت عرف اللسان، فكلام الشيخ في "المهذب" يدل على ذلك؛ حيث قيد النَّيْك بالفَرْج-[على ما] حكيناه من قبل- والغزالي رجَّح مقابله.
نعم، يشترط أن يكون في حال الحياة على المذهب، حتى لو ماتت واحدة منهن قبل أن يطأها انحل الإيلاء، وروي عن الشيخ أبو علي: أن البِرَّ والحنث يتعلقان بوطء الميتة- أيضاً- وأشار بعضهم على وجه فارقٍ بين ما قبل الدفن وما بعده.
ولو أبان واحدة، ثم وطئ الثلاث الباقيات في النكاح، ثم نكح المطلقة- ففي عود الإيلاء قولاً عَوْدِ الحنث، وحكم اليمين باقٍ لا محالة، حتى تلزمه الكفارة إذا وطئها. ولو طلَّق ثلاثاً قبل الوطء لم تتعين الرابعة للإيلاء؛ بل يكون موقوفاً.
قال: وإن قال: والله لا أصبت واحدة منكن، صار مولياً من كل واحدة منهن، أي: إذا لم يرد واحدة بعينها، أو أراد جميعهن؛ لأنه لا يمكنه أن يطأ واحدة إلا ويحنث في يمينه. هكذا حكاه في "الشامل" تقييداً وتوجيهاً، والموجود في تعليق البندنيجي والقاضي الحسين ذكر المسألة من غير تقييد كما ذكرها الشيخ، قال الإمام: وليس التعميم [فيما إذا أراد جميعهن، بالتعميم] في قوله: والله لا أجامعكن؛ فإن اللفظ ها هنا يتناول كلهن، ولا يحصل الحنث بجماع بعضهن، وها هنا اليمين تتعلق بإحداهن؛ فتنزل اليمين على كل واحدة منهن على البدل، فيكون مولياً عن جميعهن؛ لتعلق الكفارة بوطء أمة واحدة وطئها.
وروي عن الشيخ أبي علي وجهاً فيما إذا أطلق اللفظ ولم ينو التعميم ولا التخصيص بواحدة: أنه يحمل على إرادة واحدة لا بعينها، وعلى الأول: لكل واحدة منهن بعد المدة المطالبة بالفيئة أو الطلاق، فإن طلق واحدة أو أكثر بقي الإيلاء في حق الباقيات، وإن وطئ واحدة حنث في يمينه، وسقط حكم الإيلاء في الباقيات.