للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفيئة، ولا يقنع منه بفيئة معذور؛ فعلى هذا: إذا طلب [منها] الوطء وامتنعت، لم تسقط مطالبتها.

وقال بعض أصحابنا: إن قلنا: إن لها التمكين إذا طلب منها الوطء والحالة هذه، ولا يحرم عليها- كما ذهب إليه الشيخ أبو حامد، وأجاب به المحاملي في المجموع، ورجحه البغوي- كان لها أن تطالب بالفيئة أو الطلاق، فإن أجاب إلى الوطء وامتنعت من التمكين، سقط حقها. وإن قلنا: ليس لها التمكين- على ما حكاه ابن الصباغ وجهاً، ورجحه وأبداه الشيخ في "المهذب" احتمالاً لنفسه- فهل يقنع منه بالفيئة باللسان؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، كالمانع الطَّبعي.

والثاني- وهو الأشبه في "الرافعي"-: أنه يطالب بالطلاق؛ إزالة للضرر عنها، بخلاف المانع الطبعي؛ فإن الوطء هناك متعذر في نفسه، وهذا كما تقدم فيما إذا كان محرماً، ويجيء فيه الطريقة الثانية المذكورة ثَمَّ.

واعلم أن الشيخ ذكر هذا اللفظ ها هنا، وإن كان محله باب الظهار؛ ليبين به أن حكم تحريم الوطء بعد العود في الظهار لا يزول، وإن كان الوطء واجباً؛ فإنه قد يتوهم متوهم أن الوطء إذا توجهت المطالبة به يجوز قبل التكفير؛ لتأكده، بخلاف ما إذا لم يتأكد، فأراد أن يصرح بما ينفي هذا التوهم.

قال: فإن قال: أمهلوني حتى أطلب رقبة؛ فأعتق ثم أطأ، أي: إذا لم يقنع منه بفيئة معذور أُنْظِرَ ثلاثة ايام، وكذا إذا كان يكفر بالإطعام؛ لأنها مدة قريبة، وقد لا يمكنه شراء الرقبة أو تفرقة الطعام بدون ذلك. وما قاله الشيخ هو ما ذهب إليه أبو إسحاق، وادعى ابن الصباغ أن أحداً من أصحابنا لم يخالفه فيه، والمراد بذكر الثلاث: أنه لا تجوز الزيادة عليها، أما النقصان عنها فهو بحسب ما يحتاج إليه، وعليه يدل كلام المحاملي في "المجموع"، حيث نقل عن ابي إسحاق أنه قال: يُنْظَرُ يوماً أو يومين أو ثلاثة. وما حكاه في "التهذيب" من أنه يمهل يوماً أو نصف يوم، وفي "التتمة" تقييد صورة الإمهال بما إذا كان يقدر على العتق والإطعام في الحال، أما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>