للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيه: كلام الشيخ- رضي الله عنه- يقتضي أن مطالبة المُولِي تكون أولاً بالفيئة، فإن امتنع طولب بالطلاق، وكذلك ذكره الغزالي في "الوجيز" في أول الباب الثاني، وإيراده في "الوسيط" يقرب منه، وزاد المتولي في "البيان" فقال: وليس لها أن تطالب الزوج بالطلاق ابتداء؛ لأنه ليس بحق لها، وإنما حقها في الاستمتاع، فتطالب بما هو حقها، فإذا لم يوفها حقها حينئذ يأمره الحاكم بإزالة الضرر عنها، وإزالة الضرر عنها بالطلاق؛ لتتوصل إلى الاستمتاع من جهة غيره.

قال الرافعي: وعلى هذا فحيث قلنا: يأمره القاضي بالفيئة أو الطلاق، فذلك يعتبر عن مجموع ما يؤمر به، وكلام الإمام مباين لذلك؛ فإنه قال: ليس لها توحيد جهة الطلب للفيئة؛ فإن فيه تكليف شطط؛ فإن النفس قد لا تطاوع، ولولا ذلك لثبت للمرأة مطالبة الزوج بحق التمتع، كما يثبت له مطالبتها بالتمكين؛ فإذن لا تصح منها الطَّلِبَةُ إلا بتردد بين الوطء والطلاق، وإذ ذاك تكون مطالبته بممكن، والله أعلم.

قال: فإن لم يطلق ففيه قولان:

أحدهما: يجبر عليه، أي: بالحبس والتضييق وماي ليق بحاله؛ ليفيء أو يطلق بنفسهن ولا يطلق عنه الحاكم، وهذا أحد قولي القديم؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٧]، فأضاف الطلاق إلى الزوج؛ فثبت أنه يتعلق به، ولما روي أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: "الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ"، ولأنه مخيَّر بين الفيئة والطلاق، فإذا امتنع لم يقم القاضي مقامه؛ كما لو أسلم على أكثر من أربع نسوة.

قال: والثاني: يطلق الحاكم عليه، وهو الأصح؛ لأنه حق معين تدخله النيابة؛ فإذا تعذر من جهة المستحق عليه ناب الحاكم عنه فيه، كقضاء الدين، ولأن مدة الإيلاء مقيدة بالشرع يقطعها الوطء وتتعلق بها الفرقة؛ فثبت للحاكم التفريق إذا انقضت بلا وطء كمدة العنة، ويفارق اختيار الأربع؛ لأنه لم يتعين حق واحدة منهن، بخلاف مسألتنا.

ثم إذا قلنا بهذا أو بالقول الأول، فإنما يطلق الحاكم أو يجبره على طلقة واحدة؛ إذ هي الواجبة عليه، وتكون رجعية إذا طلق عليه، فلو أجبره على أن يطلق ثلاثاً: فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>