للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصل: كالفطر في رمضان، والقتل، والمعلق بلفظ التحريم كفارة اليمين، واليمين والحنث ليسا بمحرمين، وأيضاً: فالتحريم مع الزوجيَّة قد يجتمعان، والتحريم الذي هو كتحريم الأم مع الزوجية لا يجتمعان؛ فكان هذا الوصف أبلغ.

والأصل في الظهار مُفْتَتَحُ سورة المجادلة، وسبب نزول ذلك ما روى أبو داود بإسناده- في حديث مطول- وغيرُهُ: أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة- على اختلافٍ في اسمها ونسبها- فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيةً، وأخبرته بذلك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حَرُمْتِ عَلَيْهِ" فقالت: انظر في أمري؛ فإني لا أصبر عنه! فقال- عليه السلام-: "حَرُمْتِ عَلَيْهِ"، وكررت وهو يقول: "حَرُمْتِ عَلَيْهِ"، فلما أَيِسَتْ اشتكت إلى ربها؛ فنزل قوله- تعالى-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى آخر الآيات [المجادلة: ١ - ٤].

قال: من صح طلاقه، صح ظهاره؛ لعموم قوله- تعالى-: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٢]، ومن لا يصح طلاقه، أي: إما لعدم الزوجية أو لوجود مانع، لا يصح ظهاره.

أما غير الزوج؛ فلأن الله تعالى حيث أثبت حكم الظهار إنما أثبته في النساء، ومطلق اسم النساء ينصرف إلى الزوجات كما قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦]، ولا زوجيَّة، ولأنا قد ذكرنا أنه كان طلاقاً في الجاهلية، وأن الشرع غير حكمه وبقي محله، ومحل الطلاق الزوجة.

وأما الزوج الذي [لا] يصح طلاقه؛ فلما ذكرناه في الطلاق، ويجيء فيه التفصيل المذكور في المكره والسكران.

ولا فرق في غير الزوج: بين أن يكون سيداً أو لا؛ لما ذكرناه، ولأنه لفظ يقتضي تحريم الزوجة؛ فاختص [حكمه بالزوجات كالطلاق- ولا بين أن ينجّز الطلاق أو يعلقه] بالزوجية، على الأصح؛ لما ذكرناه في الطلاق، وفي "الذخائر" حكاية قول عن رواية صاحب "التقريب": أنه يصح إذا علقه بالزوجية، وهو القول المحكي في

<<  <  ج: ص:  >  >>