قيمة أحدهما أرفع، فهو [مخير بينهما]، وإن كانت أرفع، قال أبو إسحاق: يجزئ أن يخرج الأعلى منهما، وإن أخرج الأَدْوَنَ جاز، كذا حكاه المحاملي في كتاب الأيمان والبندنيجي- أيضاً- وقال: كما هو في البلد [الواحد].
وحكى الماوردي في أصل المسألة قولاً: أنه لا يتعين [قوت] أقرب البلاد إليه، بل يكون مخيراً بين جميعها.
قال: ولا يجزئ فيه الدقيق ولا السَّوِيق ولا الخبز؛ لأن ذلك ناقص المنفعة فأشبه المعيب.
وروى عن الإصطخري أنه قال بالإجزاء، وساعده على إجزاء الخبز ابنُ أبي هريرة والصيمري، وهو الذي اختاره القاضي الروياني لنفسه.
وروى عن ابن خيران أنه يعطي كل [مسكين] رطلين خبزاً وقليل أُدْمٍ.
والظاهر الأول، وادعى في "المهذب" فساد خلافه.
قال: ولا القيمة؛ لأنه أَحَدُ ما يكفر به؛ فلا تجزئ فيه القيمة كالعتق.
قال: فإن غدَّاهم وَعَشَّاهم بذلك، أي: مما يجزئ كالتمر والزبيب- لم يجزئه، أي: بل لابد من التمليك التام؛ لأن ما وجب للفقراء بالشرع، وجب فيه التمليك كالزكاة، ولأنهم يختلفون في الأكل؛ فلا يتحقق أن كل واحد منهم تناول القدر المجزئ. نعم، لو وضع بين أيديهم ستين مدا وقال: ملكتكم هذا بالسوية، أو أطلق، فقبلوه- جاز. وقال الإصطخري: لا يجوز؛ لأن عليهم مؤنة القسمة. والمذهب: الأول؛ لأن هذه مؤنة خفيفة.
ولو قال: خذوا، ونوى الكفارة، أجزأه إذا أخذوا بالسوية، وإن أخذوا متفاضلين، لم يجزئه إلا واحد؛ لأنا نتيقن أن أحدهم أخذ مدّاً، فإن تيقن أن عشرة منهم مثلاً أخذ كل واحد منهم مدّاً، أجزأه ذلك القدر ويتدارك الباقي. ولو دفع إلى ثلاثين مسكيناً ستين مدّاً أجزأه منها ثلاثون، ويصرف إلى ثلاثين غيرهم ثلاثين مدّاً. وإن صرف الستين إلى مائة وعشرين دفع إلى ستين منهم تكملة الستين [مدّاً]، ويسترد الزائد في الصورتين إن شرط كونه كفارة، وإلا لم يسترد.