للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان الدافع الإمام، وبان أنه دفعها إلى كافر أو عبد أو قريب ففي وجوب ضمانها عليه قولان:

أحدهما: أنه يضمنها، ويعيدها؛ كما يلزم رب المال أن يعيدها.

والقول الثاني: لا يضمنها، وتقع موقع الإجزاء.

وإن بان أنه غني، أجزأه قولاً واحداً، [كما] حكاه الماوردي والمحاملي في كتاب الأيمان.

قال: ولا يجوز أن يدفع إلى أقل من ستين مسكيناً، أي: ما يدفعه للستين؛ لأن الآية اشتملت على وصفٍ وهو المسكنة، وعلى عدد وهو الستون؛ فكما لا يجوز الإخلال بالوصف لا يجوز الإخلال بالعدد كما في قوله- تعالى-: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]؛ فإن فيه تعرضاً لوصفٍ وعددٍ.

وكما لا يجوز الإخلال بالوصف لا يجوز الإخلال بالعدد حتى لا تكون شهادة الواحد كشهادة الاثنين.

ولا فرق فيمن يجوز الدفع إليه بين أن يكون كبيراً أو صغيراً عاقلاً أو مجنوناً. نعم، يشترط أن يدفع على ولي [الصغير والمجنون].

وفي "الرافعي" حكاية وجه: أن الرضيع لا [يصح الصرف] إليه؛ لأن طعامه اللبنُ دون الحَبِّ.

فرع: دفع الطعام إلى الإمام، هل يبرئ؟ حكى القاضي الروياني في التجربة أنه إذا دفعه إليه، فتلف في يده قبل التفريق على المساكين- أن ظاهر المذهب أن الفرض لا يسقط عن المكفِّر، بخلاف الزكاة؛ لأن الإمام لا يَدَ لَهُ في الكفارة، وهذا يدل على أنه لا يبرئ.

قال: ولا يجزئ شيء من الكفارات إلا بالنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"، ولأن الكفارة حق مالي وجب تطهيراً؛ فلم يجزئ من غير نية كالزكاة.

قال: ويكفيه في النية أن ينوي العتق، أي: عند التلفظ به، أو الصوم، [أي]: كما

<<  <  ج: ص:  >  >>