ومما يدل عليه مفهوم ما سنذكره من لفظ الشافعي: أنه ليس عليه أني لتعن حتى تطلب المرأة حقها، وفي "الحاوي" إطلاق القول بعدم وجوبه، وأنه بالخيار، وفيما ذكره أيضاً فائدة نفي توهم أن اللعان لا يجوز مع القدرة على البينة؛ أخذاً من ظاهر قوله- تعالى-: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ}[النور: ٥]، لأن معنى الآية: إن لم يتفق شهادة وشهود إقامة الشهود، فشهادة أحدهم؛ كما في قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[البقرة: ٢٨١]، ومعناه إن لم يتفق إقامة رجلين، فرجل وامرأتان.
تنبيه: مراد الشيخ بالتعزير الذي يسقط باللعان: التعزير الذي سببه القذف، كما إذا كانت صغيرة يمكن جماعها أو مجنونة أو أمة أو كتابية، يدل عليه أنه أتى بالفاء في قوله: فوجب عليه الحد، وهي فاء السببية، "أو" عاطفة لـ "التعزير" على "الحد"، وذلك يقتضي التشريك في الحكم.
أما التعزير الواجب لأجل الأذى: كنسبة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها إلى الزنى، وقذف من ثبت زناها، ونظير ذلك- فسيأتي الكلام فيه.
وبناء الشيخ فعل الطلب لما لم يُسَمَّ فاعله، فيه إشارة إلى أن الطلب لا يختص بها، بل تارة [يكون] من الزوجة، وتارة يكون من وكيلها، وتارة من وارثها أن الحكم فيها واحد.
وقذف من لا يصح لعانه كالصبي المميز، يوجب التعزير في حال الصبا، فإن بلغ قبل أن يستوفي لم يلاعن لأجله.
وعنه احترز الشيخ بقوله:"لا يصح لعانه"، وقد حكي عن القفال في هذه الصورة: أنه يسقط.
فرع: إذا وجب عليه الحد، فادعى أنه كان في حال القذف مجنوناً، وعرفت له حال جنون: فهل يقبل قوله في ذلك؟ فيه قولان: المنصوص منهما- وهو الأصح في