ونفي الولد، ودرء الحدّ، [وإيجاب الحدّ عليها]؛ فبأن يفيد أحدها [أولى]؛ لأن ما قدر على الكثير كان على القليل أقدر.
قال: وإن لم يطالب ولم يعفُ، فقد قيل: له أن يلاعن، وهو ظاهر كلام الشافعي على ما حكاه المتولي، وبه قال أبو إسحاق، ورجحه الإمام.
وقال: إنه المذهب الصحيح؛ لأن الحدّ واجب عليه [في ظاهر الحكم]، ولها المطالبة متى أرادت؛ فكان له إسقاطه؛ كرجل ثبت عليه دين، وله حجة على الإبراء، له أن يقيمها وإن كان صاحب الدين لا يطالبه، كذا قاله المتولي، وفيه نظر.
قال: وقيل: ليس له أن يلاعن، وهو ما رواه المزني عن الشافعي؛ فإنه قال: ليس عليه أن يلتعن حتى تطلب المرأة حدّها. ورجَّحه الجمهور على ما حكاه الرافعي؛ لأنه لا نسب، والحدّ غير مطلوب، وإنما يصار إلى اللعان إذا أرهقته الضرورة إليه.
والقائل الأول قال: النص دال على عدم الوجوب، ولا يمنع الجواز، وهو ما ادعيناه.
ثم لا فرق في جريان الخلاف بين أن يكون الطلب ممكناً في الحال كما إذا كانت الزوجة مكلفة، أو لا: كما إذا كانت صغيرة أو مجنونة، وادعى البندنيجي أن المذهب جواز لعانه في حال الصبا، وادعى ابن الصباغ أن الأصح جواز اللعان فيما إذا كانت مجنونة، وأنه ظاهر كلام الشافعي؛ موجّهاً ذلك بأنه حجة [له] يسقط بها حقّاً؛ فكان له ذلك كقضاء الدين.
وقال الرافعي: إن رُتب الوجهان في الصغيرة والمجنونة على الوجهين في السكوت كانت هذه أولى بالمنع؛ لأنه لا يتوقع الطلب إلا بعد البلوغ والعقل، وهناك يتوقع لحظة فلحظة. وإن رُتبا على الوجهين في صورة العفو كانت هذه أولى بالجواز؛ لأن الطلب يُتوقَّع في الجملة.
[فرع: إذا لاعن عند قذف الصغيرة التي يمكن جماعها، فبلغت- فهل لها أن تلاعن؟ فيه وجهان في "الحاوي"].