- وبه أجاب ابن الحداد [في] الصورة الثانية- أنه لا يندفع، على ما حكاه الرافعي، ووجَّهه بأنا تبيّنا فساد النكاح؛ فيلغو كما لو علمنا الحال في الابتداء لا نمكنه من اللعان.
قال: واللعان، أي: المعتدُّ به، أن يأمره الحاكم، أي: أو نائبه فيه، فيقول أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به، أي: من الزنى إن كان [ذلك أما اعتبار أمر الحاكم في الاعتداد به؛ فلأنه يمين فلم يعتد به] قبل عرض الحاكم؛ كاليمين في جملة الخصومات، وأما اعتبار العدد في لفظ الشهادة؛ فللآية، وأما اعتبار تسمية ما رماها به؛ فلأنه المحلوف عليه.
قال: ويسميها إن كانت غائبة، أي: عن البلد، أو عن المجلس؛ لحيض أو كفر، ولم يرضَ الزوج بلعانها في المسجد، أو كان ذلك في المسجد الحرام، فيقول: زوجتي فلانة، ويرفع في نسبها حتى تتميز عن غيرها، وفي "تعليق" الشيخ أبي حامد: حتى يميزها عن سائر زوجاته إن كان في نكاحه غيرها، قال الرافعي: وقد تشعرُ هذه اللفظة بالاستغناء بقوله: فيما رميت به زوجتي، عن الاسم والنسب إذا لم يكن تحته غيرها. قلت: إن صح ذلك فيكون شرطه معرفة الحاكم بها.
قال: ويشير إليها إن كانت حاضرة، أي فيقول: زوجتي هذه، ولا يحتاج مع ذلك إلى ذكر اسمها ونسبها؛ لأن المقصود تمييزها، وذلك يحصل بما ذكرناه كما في سائر الأحكام.
واعلم أن تفسير الإشارة بما ذكرناه نقله البندنيجي والمتولي وغيرهما، ولم يتعرّض القاضي الحسين [في "التعليق"] في تفسيرها إلى ذكر الزوجيَّة؛ بل قال: يقول: هذه وكذلك البغوي، ولم يحك غير هذا القول.
قال: وقيل: يجمع بين الاسم والإشارة، أي: فيقول: زوجتي هذه فلانة، ويرفع في نسبها؛ لأن اللعان مبني على التغليظ والاحتياط، فيؤكد الإشارة بالتسمية ورفعِ النسب.
قال الرافعي: وقد يقال على قضية هذا التوجيه: لا يكفي في الحاضرة التسمية