للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه- عليه السلام- قال: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ [وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ]- وَعَدَّ مِنْهُمْ-: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ الْعَصْرِ: لَقَدْ أُعْطِيَ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطِيَ وَهُوَ كَاذِبٌ". وحكى الإمام أن عمر كُتِبَ إليه في جارية ادّعِيَ عليها القذف، فأنكرت، فكتب في الجواب: أخِّروها إلى بعد صلاة العصر، ثم حَلِّفوها، ففعل فاعترفت.

وهذا إذا كان ثم طلبٌ حاثٌّ، فإن لم يكن قال القفال وغيره: تؤخّر إلى يوم الجمعة؛ فإنه أعظم في النفوس لأجل الساعة التي فيه.

قال: فإن كان بمكة، لاعن بين الركن والمقام؛ لأن شرف المكان الذي يقع فيه اللعان مطلوب؛ لأن اليمين تكون فيه أغلظ؛ فيحصل مقصود اللعان: وهو الزجر والرَّدْع، وذلك يختلف باختلاف الأماكن؛ فإن كان بمكة لاعن بين الركن والمقام- كما قال الشيخ-[وهو المسمى بالحطيم]؛ لأنه أشرف البقاع فكان اللعان فيه أغلظ، والدليل عليه: ما روى أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوماً يحلفون بين الركن والمقام، فقال: على دمٍ؟ فقالوا: لا، قال: فعلى عظيم من المال؟ قالوا: لا، قال: لقد خشيت أن يَبْهَأَ الناس بهذا المقام. وروى عن القفال: أنه يلاعن في الحِجْر.

قال: وإن كان بالمدينة، فعند منبر النبي صلى الله عليه وسلم- وهذا قول الشافعي في [غير] "المختصر"، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة، وهو الصحيح في "التتمة"، ووجهه: ما روى عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ [وَلَوْ بِسِوَاكٍ، وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ".

فإن قيل: فقد روى جابر أنه- عليه السلام- قالك "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ]، تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"، وهذا يدل على شرف المنبر، فهلا قلتم

<<  <  ج: ص:  >  >>