للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون على المنبر أو عنده؛ لأنه أخص بالشهرة] قال: وإن كان في غيرها من البلاد، ففي الجوامع؛ لأنها أشرف البقاع.

قال: عند المنبر أو على المنبر، كما قلنا في المدينة، وقد حكى ذلك- أيضاً- القاضي الحسين في "التعليق"، وقال ابن الصباغ: لا يختص بالمنبر؛ لأنه لا مزية لبعض الجامع على بعض، ويخالف المدينة؛ فإنه- عليه السلام- قال: "بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ"، وهو قضيّة ما حكاه في "المهذب" و"المجموع" للمحاملي "وتعليق" البندنيجي. وفي "التتمة": أنّا إذا قلنا في المدينة: إنه يصعد على المنبرن فكذلك في غيرها، وإن قلنا: يلاعن عند المنبر، ففي غيرها وجهان.

فإن قيل: جزم الشيخ فيما إذا كان بالمدينة أنه يلاعن عند المنبر، وها هنا قال: "عند المنبر أو على المنبر"، وذلك يقتضي إما التخيير وإما التنويع باعتبار حالة الكثرة والقلة، والحكم في الصعود على المنبر في المسألتين واحد عند الأصحاب؟ فالجواب: أن ما ذكره الشيخ ها هنا يجوز أن يريد به التنبيه على أن الحكم في مسألة المدينة كذلك [كما حكيناه وجهاً، وأشار إليه الماورديب قوله: ويكون عند المنبر وعليه- على ما مضى]. على أني رأيت في بعض نسخ "الشرح" لابن يونس حكاية لفظ الشيخ فيه كلفظه في غير المدينة، ويجوز أن يكون ترجح عنده قول أبي علي بن أبي هريرة في المدينة؛ لأن منبر النبي صلى الله عليه وسلم موضع شريف، وأحد المتلاعنين كاذب في يمينه قطعاً؛ فنزه عن صعود الكاذب إليه، وليس لغيره من المنابر مثل هذا الشرف، ومما يعضد اعتبار ذلك: أن أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- كان لا يقف في الموضع الذي [كان] يقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم، [وعمر- رضي الله عنه- كان لا يقف في الموضع الذي كان يقف فيه أبو بكر]، بل نزل كل منهما عن موقف الآخر درجة؛ لما ذكرناه من الشرف، مع إمكان تحصيل المقصود، وعثمان- رضي الله عنه- لما لم يمكنه تحصيل المقصود مع مراعاة هذا الشرف- لم يفعله، والله أعلم.

قال: وإن كان أحدهما جنباً لاعن على باب المسجد؛ لأنه أقرب إلى الموضع

<<  <  ج: ص:  >  >>