للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وذلك لغو اليمين الذي لا يؤاخذ به؛ لأن اللغو في كلام العرب غير المعقود عليه؛ كما حكاه الشافعي، ويؤيده ما رواه بإسناده عن عائشة- رضي الله عنها- أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لَغْوُ الْيَمِيْنِ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ".

ولأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به؛ كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.

وفي الرافعي أن ابن كج حكى عن ابن سريج أنه أبدى احتمالاً في لغو اليمين أن يحلف على حق يعتقد أنه صادق فيه فيتبين أنه كاذب: فلا مؤاخذة فيه بإثم ولا كفارة. وما قاله مستمد مما حكاه ابن الصباغ عن الشافعي: أن جماع اللغو هو الخطأ.

ثم لتعلم أن مجمل الكلام في لغو اليمين ما إذا كانت اليمين بالله تعالى، أما إذا كانت بالطلاق أو العتاق، وادعى أنه لم يقصد اليمين- فلا يقبل قوله في الحكم؛ لتعلق حق الآدمي بهما؛ بخلاف اليمين بالله تعالى فإنه لا يتعلق بها حق آدمي.

قال ابن الصباغ: وينبغي إذا كان الحلف على ترك وطء زوجته ألا يصدق إيضاً، وهذا ما حكاه المتولي والرافعي.

ووجه الإمام عدم القبول في الطلاق والعتاق بأن الظاهر يكذبه ومن كذبه الظاهر لا يصدق، واللفظ صريح في وضعه.

قال: وتصح اليمين على الماضي والمستقبل، أي: إذا كان ممكناً.

أما صحتها على المستقبل إذا كان ثابتاً، فلما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال:] "وَاللهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً، وَاللهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً"، وقال في الثالثة: "إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>