هذا الفصل ينظم مسألتين الثانية منهما مبنية على الأولى؛ إذ عليها نص الشافعي في "المختصر"، ولفظه:"ولو دخل غلام في صلاة أو صوم يوم لم يكمله حتى استكمل خمس عشرة سنة- أحببت أن يتم ويعيد، ولا يبين لي أن عليه الإعادة" فظاهر هذا النص وجوب إتمام الصلاة والصوم واستحباب الإعادة، سواء كان الوقت ضيقاً أم واسعاً. ولا جرم، قال الماوردي: إنه ظاهر مذهب الشافعي.
و [قال] البندنيجي: إنه المذهب. واختاره أبو إسحاق المروزي وغيره- كما ستعرف- وقال الإمام: إنه الذي قطع به الأصحاب: القفال وأبو الطيب، [و] ادعى أنه لا خلاف في لزوم الإتمام، واستدل له ابن الصباغ بأن الشافعي قال:"ولا يبين لي أن عليه الإعادة"، ولا يجوز ألا تجب الإعادة والإتمام، وإذا كان هذا معنى النص فعليه ينطبق كلام الشيخ.
ووجهه: أنه شرع في وظيفة الوقت بشرائطها فأجزأته، وإن تغير حاله إلى الكمال في أثنائها؛ كالعبد إذا شرع في الظهر يوم الجمعة ثم عتق قبل إتمام الظهر وفوات الجمعة.
فإن قيل: كيف يصح ذلك، وأوله تطوع وآخره واجب؟
قال أبو إسحاق: لا يمتنع ذلك؛ لأنه لو دخل في صوم أو صلاة نافلة، ثم نذر إتمام ذلك ووجد الشرط؛ وجب عليه.
قال القاضي أبو الطيب: وقد اعترض بعض الناس على أبي إسحاق، وقال: ما ذكره من النذر يصح في الصوم دون الصلاة؛ لأن النذر ينعقد بالكلام، والكلام يبطل الصلاة، واختلف الأصحاب في جوابه:
فقال الداركي: النذر في الصلاة لا يبطلها؛ لأنه مناجاة لله، فهو من جنس الدعاء.
وقال غيره: في النذر إيجاب عبادة بشرط، فهو بخطاب الآدميين أشبه؛ فتبطل به الصلاة، ولم يقصد أبو إسحاق جواز النذر في الصلاة، وإنما قصد جوازه في الصوم،