فواتها، فهل تجب عليه؟ فيه كلام ذكرناه في باب الجمعة.
قال: وأما الكافر: فإن كان أصليّاً لم تجب عليه؛ لأنه لا يصح منه فعلها في حال كفره، وإذا أسلم لا يجب عليه قضاؤها؛ فلا يجوز أن يخاطب بها؛ كالحائض، وهذا ظاهر النص؛ فإن الشافعي قال في قسم الصدقات من "المختصر": "فرض الله على أهل دينه المسلمين في أموالهم حقّاً لغيرهم من أهل دينه المسلمين"، وإذا كان هذا نصه في الزكاة [وهي] من فروع الشريعة- فكذا باقيها؛ إذ لا قائل بالفرق، وبظاهر هذا النص أخذ بعض الأصحاب، ويقال: إنه الشيخ أبو حامد، وإنه طرده في جميع فروع الشريعة، وقال في "البحر" ثَمَّ: إنه قول العراقيين. والذي ذهب إليه أكثر الأصحاب؛ كما حكاه القاضي أبو الطيب والماوردي [وغيرهما ثم] وصححوه: أنهم مخاطبون بالفروع بشرط تقدم الإسلام، وهو المتقرر في الأصول بأدلته، وهؤلاء قالوا: مراد الشافعي بقوله: "فرض الله على أهل دينه"، تخصيص المسلمين بذلك؛ لأنهم إذا امتنعوا من العبادات أجبروا عليها وطولبوا بها، بخلاف الكفار؛ وإن كان المسلمون والكفار سواء في توجه الخطاب إليهم.
قلت: وهذا تأويل كلام الشيخ، أيضاً.
قال: وإن كان مرتدّاً؛ وجبت عليه، أي: بمعنى أنه يطالب بقضائها بعد إسلامه؛ لأنه حق لزمه بإقراره لا يسقط بالشبهة؛ فلا يسقط بالردة، والعود إلى الإسلام كالإقرار بالمال.
قال: ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت؛ إذ لو عذر؛ لفاتت فائدة التأقيت وقد قال- عليه السلام-: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت أخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين