وذكر الصيدلاني في تكفيره بالعتق قولين كالقولين في المكاتب إذا أعتق بإذن سيده، والذي يظهر أن يجيء فيه ما ذكرناه من الخلاف في العبد من طريق الأولى.
قال: وقيل: هو كالعبد القن، أي: فيكفر بالصوم، وهذا ما خرجه المزني، ويقال: إن ابن سريج صوبه فيه.
وفي "الحاوي": أن عدة من أصحابنا وافقوه عليه، ووجهوه بأنه ناقص بالرق، وبأن الأداء بحسب اللزوم، واللزوم يلغي جملته؛ فكذا الأداء؛ فلو أخرج المال لكان مخرجاً عن بعضه الرقيق.
والمذهب: الأول؛ لأن تكفير الحر الموسر بالمال، وتكفير العبد القن بالصوم، ولم يخل حال من نصفه حر ونصفه عبد من ثلاثة أحوال: تبعيض الكفارة على الرق والحرية، أو تغليب الرق على الحرية، أو على العكس، وقد أجمعوا على بطلان الأول؛ فلم يبق إلا تغليب أحدهما؛ فكان تغليب الحرية في التكفير بالمال أولى من تغليب الرق في التكفير بالصوم من وجهين:
أحدهما: أنه لما تغلبت حرية بعضه في السراية إلى عتق جميعه تغلب حكمها في تكفيره.
والثاني: أن التكفير بالمال أصل، وبالصيام بدل؛ فكان تغليب ما أوجب الأصل من المال أولى من تغليب ما أوجب البدل من الصيام.
وقد نجز – بحمد الله- شرح مسائل الكتاب، ولنختمه بذكر فوائد وفروع متعلقة به، فنقول:
الكفارات ثلاثة أنواع:
نوع مرتب لا تخيير فيه، وهو كفارة القتل والجماع والظهار.
ونوع مخير لا ترتيب فيه، وهو جزاء الصيد وفدية الأذى.
ونوع فيه تخيير وترتيب، وهو كفارة اليمين وما في معناها من كفارة النذر، وقوله: أنت علي حرام.