وفيه وجه: أنه لا يلحقه؛ فعلى هذا لا تنقضي العدة بوضعه.
قال: وأكثره أربع سنين، وقال المزني- على ما حكاه الماوردي وغيره-: أكثره سنتان.
والدليل على المذهب في اعتبار مدة السنين الأربع: الاستقراء؛ قال مالك – رحمه الله-: هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق، وزوجها رجل صدق، وحملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين.
وروى المبارك عن مجاهد قال: مشهور عندنا: كانت امرأة محمد بن عجلان تحمل وتضع في أربع سنين.
وروى الشافعي عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد القرشي: أن سعيد بن المسيب أراه رجلاً، فقال: إن أبا هذا غاب عن أمه أربع سنين، فوضعت هذا وله ثنايا.
ورأى هشام بن يحيى المجاشعي قال: بينما مالك بن دينار يوماً جالس إذ قام رجل، فقال: يا أبا يحيى، ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد؛ فغضب مالك وأطبق المصحف، وقال: ما ترى هؤلاء القوم؟ ثم قرأ ودعا؛ فجاء الرسول إلى الرجل، فقال: أدرك امرأتك؛ فذهب الرجل، فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين، قد استوت أسنانه، ما قطعت سراره.
وفي أن هذه المدة [هي] أكثر مدده؛ بأن الأصل فيما زاد العدم.
وحيث تكلمنا في الدليل على أكثر الحمل، فلنذكر الدليل على أقل مدته وهي ستة أشهر.
ونقول: الدليل على ذلك: ما روي أنه أتي إلى عثمان- رضي الله عنه- بامرأة ولدت لستة أشهر؛ فشاور القوم في رجمها؛ فقال ابن عباس- رضي الله عنهما-: أنزل الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}[الأحقاف: ١٥] وأنزل: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: ١٤]، فالفصل في عامين، والحمل في ستة أشهر. قال الماوردي: فرجع عثمان ومن حضر إلى قوله؛ فصار إجماعاً.