والخبر الثاني مخصوص بالأحاديث المستوجبة للقتل، ولعله كان قبل وجوب القتل بترك الصلاة؛ كما قيل في قوله- تعالى-: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...} الآية [الأنعام: ١٤٥].
وقد وافق الشيخ في ادعاء أن قتله بترك صلاة واحدة بظاهر المذهب- القاضي أبو الطيب وغيره، وهو اختيار أبي علي في "الإفصاح"، وظاهر كلامهم: أنه يقتل بعد خروج وقتها الاختياري.
وفي "النهاية": أن الصيدلاني وغيره قالوا: لا يقتل ما لم يخرج وقتها الضروري- أي: إن كان- فلا يقتل بصلاة الظهر، حتى تغرب الشمس، ولا يقتل بصلاة المغرب، حتى يطلع الفجر، ويقتل بصلاة [الصبح] إذا طلعت الشمس.
قلت: وعلى قياسه أنه يقتل بصلاة العصر إذا غربت الشمس، وبصلاة العشاء إذا طلع الفجر.
قال الإمام: وما ذكره الصيدلاني لم أر في الطرق ما يخالفه، وهو حسن، وهذا ما حكاه الروياني في "تلخيصه" عن القفال، وقال: إنه خلاف النص؛ فإنه لم يعتبر فيه خروج وقت العذر والضرورة.
قال: وقيل: يقتل بترك الصلاة الرابعة إلى أن يضيق وقتها؛ لأنه إذا ترك ذلك علم تهاونه، وإذا ترك دونها جاز أن يكون قد تركها؛ لعذر، وتأويلٌ مِنْ تَرْكه- عليه السلام- الصلوات يوم الخندق.
قال: وقيل يقتل بترك الصلاة الثانية إلى أن يضيق وقتها؛ لأن الصلاة الواحدة يجوز أن يكون قد تركها بشبهة جواز الجمع، وأما تركه- عليه السلام- الصلوات يوم الخندق؛ فقد عرف من دين محمد- عليه السلام- أن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف؛ فلم تبق شبهة.
تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي [أمرين:
أحدهما:] أنه لا فرق في قتله بسبب ترك الصلاة- عند فقد الأعذار السالفة- بين أن يبدي عذراً غيرها من برد أو نجاسة، أو يقول: تركتها كسلاً وتهاوناً، أو لا