فعلى هذا: لو وجد بعض الاستبراء في يد البائع، [ثم كمل في يد المشتري- نظر:
فإن كان الأكثر في يد البائع] لم يعتد به، وإن كان في يد المشتري اعتد به، قاله الماوردي.
وفيه وجه صححه الماوردي والرافعي، واختاره القاضيان أبو الطيب والروياني، وجعله البغوي المذهب: أنه يعتد به؛ لأن الملك تام لازم فأشبه ما بعد القبض.
قال في "المهذب": وأصل المسألة: أن المبيع إذا تلف قبل القبض، يرتفع العقد من أصله أم لا؟ وفيه خلاف.
تنبيه: ذكر الشيخ المعاوضة في هذا المقام يظهر به أن اختياره: أن الملك إذا حصل بغير معاوضة تعتد بالاستبراء فيه قبل القبض، وهو الذي ذهب إليه أكثرهم.
وقال البندنيجي: كل من استبرئت قبل قبضها لم يقع الاستبراء موقعه في جميع جهات الملك، إلا إذا ورثها ابنها وبعضهم فصل فقال: إن ملكها بالإرث فلا حاجة إلى القبض؛ لأن الملك به نازل منزلة المقبوض، بدليل جواز بيعه. وإن ملكها بالوصية والقبول، ففيه الخلاف المذكور في المعاوضة، وهذا ما حكاه في "المهذب" والبغوي.
وأما الهبة والمغنم قبل القبض، والوصية قبل القبول، فعدم الاعتداد بالاستبراء في هذه الأحوال ليس لعدم القبض؛ بل لعدم الملك الذي هو سبب الاستبراء؛ فإن الملك لا يحصل إلا به، وإذا لم يحصل السبب لم يوجد المسبب، خصوصاً إذا لم يكن له إلا سبب واحد، وإذا كان كذلك لم يكن كلام الشيخ متضمناً إخراجهما بالقيد المذكور.
ولا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون الجارية مستحسنة أو غير مستحسنة؛ لأن الشرع ائتمن المشتري على ذلك، بدليل أنه لم يمنع سبايا أوطاس من الذين وقعن في سهامهم، ويجوز للمشتري استخدامها، وهذا بخلاف الجارية المرهونة: إذا لم نجوز للراهن وطأها ولا يجوز استخدامها؛ لأن الحق فيها للمرتهن، فغلظ فيه.
فرع: لو وقع الحيض أو وضع الحمل في مدة الخيار بعد القبض- فحصول الاستبراء مبني على أقوال الملك: