وأيضاً: فإن استبراء البائع استبراء مع بقاء الحل؛ فلا يعتد به كاستبراء الزوجة قبل الطلاق.
قال: وأما تزويجها، فينظر:
فإن كان قد وطئها المالك، أي: في الحال، أو من ملكها من جهته، ولم يكن قد استبرأها- لم يجز تزويجها قبل الاستبراء؛ لأنه لو جاز لاستعقب الحل؛ فإنه المقصود من العقد، بدليل أنه لا يصح أن يعقد على من لا يجوز له وطؤها، وذلك يؤدي إلى اختلاط المياه، وهذا بخلاف البيع؛ فإن المقصود منه ليس الوطء، بدليل صحة شراء من يحرم عليه وطؤها، فإذا أوجبنا الاستبراء على من يحل له وطؤها، لم يكن مقصود العقد قد تخلف عنه، وبه يحصل الأمن من اختلاط المياه.
ثم هذا إذا كان الراغب في تزويجها من لم يجب الاستبراء بسبب وطئه [أما إذا كان الرغب في من وجب الاستبراء بسبب وطئه]، فإنه يصح أن يتزوجها قبل الاستبراء، صرح به صاحب "التهذيب".
قال: وإن لم يكن قد وطئها جاز؛ لأن الظاهر فراغ رحمها عن الحمل؛ فجاز الإقدام على العقد عليها كما في المطلقة قبل الدخول.
وفيه وجه: أنه لا يجوز، وهو جار فيما إذا وطئها من ملكها من جهته، ثم استبرأها قبل نقلها عنه، وادعى القفال أنه الذي عليه أكثر الأصحاب، ونوقش فيه.
وهذا الخلاف فيما لو كان الانتقال من امرأة أو صبي.
وعلى المذهب: فالفرق بين التزويج ووطء المشتري أن الزوج إذا لحقه منها ولد أمكنه نفيه باللعان؛ فيندفه عنه الضرر، والسيد لو أبيح له الوطء قبل الاستبراء لم يتمكن من نفيه؛ إذ نفيه يكون بدعوى الاستبراء، ولم يوجد الاستبراء، والله أعلم.
قال: وإن أعتق أم ولده في حياته أو مات عنها، لزمها الاستبراء؛ لأنها كانت فراشاً للسيد، وزوال الفراش بعد الدخول يقتضي التربص؛ كما في زوال الفراش عن الحرة، وهذا الاستبراء يكون كاستبراء الأمة، وقد تقدم، ووجهه: أنه استبراء عن ملك.