وإن أراد غيره تحصل في ابتداء المدة ثلاثة أوجه: خروج الكل، خروج النصف، خروج البعض كيف قدر.
فرع: لو ارتضع أربع رضعات في استكمال الحولين، ثم استكملهما قبل فراغ الرضعة الخامسة- قال في "التهذيب": المذهب حصول الحرمة؛ لأن ما يعتد به من الرضاع غير مقدر، وقيل: لا تثبت. قال: وليس بصحيح.
واعتبار الخمس رضعات؛ ليحترز بها عما صار إليه أبو ثور من أن ذلك يثبت بثلاث رضعات، وعما صار إليه أبو حنيفة؛ فإنه أثبت ذلك برضعة واحدة.
ودليلنا: ما رواه مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:"كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ مِمَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ"، فلما أخبرت أن التحريم بالعشر منسوخ بخمس دل على ثبوت التحريم بالخمس؛ لأنها دونها، ولو وقع التحريم بأقل منها بطل أن يكون الخمس ناسخاً، وصار منسوخاً كالعشر.
وقول عائشة:"وهن فيما يقرأ من القرآن"- محمول على قراءة حكمها، أو العمل بها.
وقال الماوردي: إنما أضافت عائشة ذلك إلى القرآن- مع أن العشر نسخن بالخمس إنما كان بالسنة- لما في القرآن من وجوب العمل بالسنة، كالذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال:[إن الله- سبحانه وتعالى- لعن الواصلة والمستوصلة في كتابه العزيز، فقالت امرأة] ما وجدت هذا [في] الكتاب، فقال أنس: أليس الله- تعالى- يقول في كتابه العزيز:{وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧].
وأيضاً: فإن حديث سهلة بنت سهيل يدل على اعتبار الخمس من وجهين:
أحدهما: قوله صلى الله عليه وسلم: "يَحْرُم بِهِنَّ عَلَيْكِ"، فلم يجز أن يحرم بما دونها؛ لما فيه من من إبطال حكمه في وقوع التحريم [بالخمس.
والثاني: أن رضاع سالم حال ضرورة يوجب الاقتصار على ما تدعو إليه