للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدر يؤجد إلا وفيه شيء من هذا وشيء من ذلك.

ويحكى هذا عن اختيار الصيمري والقاضي أبي الطيب، والأظهر الأول.

ووراء ما ذكرناه طريقة حكاها الإمام، واقتصر الغزالي على ذكرها، وهي أن المخالط للبن: إن كان غير ماء فالحكم كما ذكرنا، وإن كان ماء فإن كان مغلوباً فيه، والماء دون القلتين، فشرب جميعه- ففي ثبوت [الحرمة] قولان، الذي حكاه القاضي الحسين منهما في "التعليق": الثبوت.

قال الإمام: وهذان القولان يقربان من أصل ذكرناه في أحكام المياه، وهو أن المقدار الذي لا يسع وضوءاً من الماء لو كمل بماء ورد، وهو مغلوب بالماء – ففي جواز التوضؤ به خلاف، وإن شرب بعضه فوجهان أو قولان مرتبان، وأولى بعدم التحريم.

وإن [مزج بقلتين] فصاعداً، فإن قلنا: لا تتعلق الحرمة بما دون القلتين، فهاهنا أولى، [وإلا فإن] شرب بعضه لم يحرم، وإن شرب كله فقولان.

تنبيه: الحب: بالحاء المهملة، وهو الحابية، وهو فارسي معرب، والحابية: عربية صريحة، جمعه: حباب- بكسر الحاء- وحببة بفتح الحاء والباء.

والمراد بكون الماء مغلوباً عند الغزالي: خروجه عن كونه مغلوباً، وهذا يحكى عن الشيخ ابي علي.

والظاهر الذي أورده الأكثرون: أن الاعتبار بصفات اللبن من الطعم واللون والرائحة، فإن ظهر منها شيء في المخلوط فاللبن غالب، وإلا فهو مغلوب.

ونقل عن ابن سريج- تفريعاً على هذا- أن الأوصاف الثلاثة لو زايلته، فيعتبر قدر اللبن بما له لون قوي يستولي على الخليط، فإن كان القدر منه يظهر ثبتت الحرمة، وإلا فلا، وهذا ما استنبطه الحليمي قبل الوقوف على ما قاله ابن سريج، كما حكاه أبو الحسن العبادي، وقال: إنه عرضه على القفال الشاشي وولده القاسم، فارتضياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>