للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفرق بينه وبين الأخت: أن الأصل فيها التحريم؛ فغلب، كما لو اشتبه عليه ماء وبول؛ فإنه يعرض عنهما، وهاهنا الأصل في كل واحدة منهما الإباحة؛ فيجوز؛ كما إذا اختلط ماء طاهر بنجس، وهذا هو ظاهر النص.

وذكر الفوراني في "الإبانة": أنه يجتهد في الرجلين أيهما الأب، ثم ينكح بنت من لا يراه أباً. وبنى الوجهين في أصل المسألة على أن من معه إناء طاهر بيقين هل له أن يجتهد في الإناءين؟ وفيه وجهان، والجمهور لم يشترطوا الاجتهاد، كما ذكرناه، والله أعلم.

قال: فإذا تزوج بنت أحدهما حرمت عليه بنت الآخر؛ لأنه إذا نكح إحداهما تعينت الأخوة في الأخرى؛ فكان نكاح الواحدة اعترافاً بأخوة الأخرى. وشبه ذلك بما إذا اشتبهت ثلاث أوان: طاهران ونجس، واختلف فيها اجتهاد ثلاثة واستعملوها، واقتدى أحدهما بأحد صاحبيه- لا يجوز له الاقتداء بالثاني؛ لتعينه للنجاسة في زعمه.

فعلى هذا: يحرمن على التأبيد، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة، واختاره القاضي أبو الطيب.

قال: وقيل: يحل أن يتزوج بنت كل واحد منهما على الانفراط؛ لأن التحريم غير متعين في واحدة منهما. وشبه ذلك بما إذا صلى إلى جهة بالاجتهاد يجوز أن يصلي إلى جهة أخرى باجتهاد آخر، وهذا قول أبي إسحاق. فعلى هذا: يجوز له أن يتزوج بنت أحدهماويطلقها، ثم يتزوج [الأخرى ويطلقها، ثم يتزوج] الأولى.

قال: ولا يجمع بينهما؛ إذ به يحصل يقين التحريم.

وفي "الحاوي" حكاية وجه: أنه يجوز، ويحكم بارتفاع الأبوة عنهما، وقال: إنه الظاهر من كلام الشافعي، وهو الذي يقتضيه [إطلاق] الشيخ، رحمه الله.

قال: وإن كان لرجل خمس أمهات أولاد، فارتضع صبي من كل واحدة منهن رضعة- صار ابناً له في ظاهر المذهب؛ لأنه ارتضع من لبنه خمس رضعات، فأثبت ذلك البنوة كما لو كانت من امرأة واحدة، وبهذا قال أبو إسحاق

<<  <  ج: ص:  >  >>