وبدأ الشيخ، والشافعي- رضي الله عنه- في "الجديد" بذكر صلاة الظهر، وإن كان في القديم قد بدأ بصلاة الصبح- كما قاله البندنيجي- لأن جبريل- عليه السلام- بدأ بها.
قال القاضي الحسين: ولأنها أول صلاة وجبت بعد طلوع الشمس؛ ولذلك سميت الأولى، وفي تسميتها ظهرا تأويلان:
أحدهما: سميت بذلك؛ لأنها أول صلاة ظهرت، حين صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال الماوردي: وفيها حولت القبلة على الكعبة، وفيه نظر ستعرفه في باب استقبال القبلة.
والثاني: أنها سميت بذلك؛ لأنها تفعل عند قيام الظهيرة.
وقال النواوي: هي مشتقة من "الظهور"؛ لأنها ظاهرة وسط النهار.
وقد سكت الشيخ هنا عن استثناء صلاة الجمعة إذا وجدت شروط وجوبها؛ لوضوح ذلك واكتفاء بما ذكره في بابها، ولأن فيه تعريفك أن الأصل هو الظهر، والجمعة- حيث تصح- بدل عنه.
ولا يقال: إنما سكت عن ذلك؛ لاعتقاده أن الجمعة ظهر مقصور، فهي داخلة في كلامه؛ لأنه خلاف الصحيح، وقوله:"من لزمه الظهر؛ لزمته الجمعة" يأباه.
قال: وأول وقتها إذا زالت الشمس، والأصل في ذلك وغيره من مواقيت [الصلوات] الخمس، صلاة جبريل- عليه السلام- بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد من طرق ذكر الفقهاء [منها] طريقاً حسناً، وهو ما روى ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمني جبريل عند باب البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي- يعني: المغرب- حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد