[وفي "التتمة" في قسم الصدقات، عند الكلام في أنه هل يجوز أن يصرف لزوجة الغير من سهم الفقير شيء أم لا؟ إشارة إلى وجه في أن مداواتها تجب على الزوج]، ولعله [مفرع] على القول بأن نفقتها مقدرة بالكفاية؛ فإنها حينئذ تكون كالقريب، والله أعلم.
قال: ويجب من الكسوة ما جرت العادة به.
أما وجوب أصل الكسوة؛ فلقوله تعالى:{وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣]، ولما روى الترمذي عن أبي هريرة في حديث مطول:"أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ، أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ"، وقال: إنه حديث حسن صحيح.
ولأن الكسوة كالقوت في كون البدن لا يقوم إلا بها.
وأما كون الواجب ما جرت العادة به؛ فلقوله تعالى:{وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣] رد ذلك إلى العرف، ولأن الإجماع على أنه لا يكفي ما ينطلق عليه الاسم، كما حكاه الرافعي؛ فامتنع إلحاقها بالكسوة في الكفارة؛ فتعين العرف.
قال: فيجب لامرأة الموسر من مرتفع، أي: بكسر الفاء- ما يلبس نساء [أهل] البلد، أي: من قطن، أو غزل، أو خز، أو حرير؛ لأن الشرع أوجب التفاوت بين الموسر والمقتر، والكسوة مقدرة بالكفاية في حق امرأة الموسر والمقتر؛ فلم يمكن الزيادة عليها؛ فيرجع بالتفضيل إلى انوعها؛ إذ العرف يقتضيه، بخلاف النفقة؛ فإنها لما لم يكن القصد منها الكفاية جاز اعتبار التفاوت بين الموسر والمقتر بالزيادة.
وفيما عدا القطن وجه: أنه لا يجب، وهو محكي عن الشيخ أبي محمد؛ متمسكاً بظاهر ما روي عن الشافعي: أن الموسر يعطي من لين البصرة أو الكوفة أو واسط، والمعسر من غليظها، والمتوسط ما بينهما. وأراد: المتخذ من القطن؛ لأن هذا لباس أهل الدين، وما زاد عليه رعونة.