والقائل يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام [بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام بالعشاء]، حين غاب الشفق، [ثم أخر] الفجر من الغد، حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء، حتى كان ثلث الليل [الأول]، ثم أصبح فدعا السائل، فقال:"الوقت ما بين هذين".
قال القاضي الحسين، وابن عبد البر، وابن المنذر: وقد أجمعت الأمر على أن أول وقت الظهر إذا زالت الشمس، وفيه نظر؛ لأن القاضي أبا الطيب حكى أن بعض الناس قال: أول وقتها إذا كان الفيء قدر الشِّراك بعد الزوال؛ لحديث جبريل.
وحكى الماوردي وغيره عن مالك: أنه لا يجوز فعلها إلا بعد الزوال بقدر الذراع، ولا يصح مع ذلك إجماع، وحجتنا عليهم ما سلف.
والزوال: عبارة عن انحطاط الشمس بعد منتهى ارتفاعها، ويظهر ذلك بحدوث الظل وزيادته في جانب المشرق، بعد تراجعه من جانب المغرب.
وإنما قلنا ذلك؛ لأن [في] بعض البلاد في بعض الأوقات لا يكون للشخص فيء عند الاستواء، والزوال في ذلك الموضع في ذلك الوقت، يظهر بحدوث فيء الشخص وإن قل.
قال الشيخ أبو حامد: وذلك يكون بمكة يوماً واحداً في السنة، وهو أطول يوم فيها.